مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[طبع القلوب]

صفحة 234 - الجزء 1

  قول الله ø: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}⁣[التوبة: ١١٥]، وأنت تقول أنت: إنه أقسى قلوبهم بغير جرم ولا ذنب كان منهم.

  والضلال منه أيضا إنما هو ضلال حُكمٍ وتسمية. شاهد ذلك قوله ø: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ٢٦}⁣[البقرة]، وقوله: {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ}⁣[إبراهيم: ٢٧]. فأين ما جبرهم عليه - زعمتَ - من قساوة قلوبهم بعد هذه الحجج التي لا مخرج لك منها، ولا لمجبر مثلك أبداً؟! فلكم الجهد في إبطال ما قلنا، فإن جئتم بحجة ولن تجيئوا بها أبداً سلمنا لكم، ومحال أن يقوم الباطل أبداً، والحمد لله رب العالمين!

[طبع القلوب]

  وأما قولك: إنك تسألنا - زعمت - عن طبع الله ø على قلوبهم بعد النقض لعهدهم، وأنه يلزمنا أنهم مطبوع على قلوبهم، ثم كلفهم الله ø الايمان بعدما طبع على قلوبهم، وشاهد ذلك عندك - زعمت - في كتابك، أن اليهود والنصارى اليوم قد طبع الله على قلوبهم، وهم مع ذلك الطبع مكلفون للايمان، والخروج من الكفر. فإن أقررنا بذلك - زعمتَ - فهو قولك - زعمتَ - والعدل عندك - زعمتَ.

  فاسمع إلى جوابنا، وليس قولنا: إن الطبع الذي طبع الله ø على قلوبهم طَبعُ جبر ولا قسر، فيلزمه الجور والظلم، والخروج من قرآنه الذي قال فيه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦]، و {إِلَّا مَا آتَاهَا}⁣[الطلاق: ٧]، وقوله: