[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]
[شبهة في قوله، {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ٩٦}]
  فإن قلت: إنه قد قال في كتابه: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ٩٦}[الصافات].
  قلنا لك: إنه خلق الذهب والفضة، والنحاس والحديد، والخشب والحجارة التي عملوا منها الأصنام، فصوروها وقدروها ونحتوها، وليس ذلك الذي عملوا بأيديهم فعلا لله ø، وإنما فعلُه خلق الأشياء التي منها عملوا، ولو كان فَعَل فعلهم، لوجب لهم عليه أن لا يندبهم إلى طاعة، ولا يسألهم عن تقصير، ولا يعذبهم على غير جرم، وهو الذي فعل جميع أفعالهم، وقد أخبرهم أنه لا يجور عليهم ولا يظلمهم، وأنه يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر، فأي عسر أعسر ما قلتم؟! وأي ظلم أكبر مما ذكرتم؟! عز عن ذلك اللطيف الخبير!
  ثم قال عبد الله بن يزيد البغدادي: ثم سلهم عند ذلك كيف جعل الله السرابيل التي تقي الحر وتقي البأس؟ وكيف جعل الله من الجبال أكنانا ما لم يكن فيه ذكر إلا بعمل الناس، أَفَعَل الله ذلك الخلق ووصله، وغزل القطن والكتان وحاكها؟!
  فإن قالوا: لا.
  فقل: كيف جعل الله السرابيل؟ فإنهم لن يجدوا بدا من أن يقولوا: خلق الله عمل الناس وجعل عملهم.
  فقل: أفليس الله جاعل عملهم وخالقه وصانعه؟
  فإن قالوا: نعم، فقد أعطوك بأن الله خالق أعمال العباد وصُنْعهم، وهذا قولنا وهو العدل.