[هل تزيين الايمان وتكريه الكفر من الله]
  كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ ٢٢ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ٢٣ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٢٤}[الإنشقاق]. وقوله: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ٤٩}[المدثر]. وقوله: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ}[المائدة: ٧٤]، وقوله: {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٧٣}[المائدة].
  أفلا تسمع إلى هذا القول، وإلى هذه الحجج القواطع من الله ø، المبطلة لجبرك، والقاهرة لحججك! أهذا أيها الجاهل قول من جبر خلقه على الكفر، وصدّهم عن الهدى، وأراد لهم الضلالة والردى؟! سبحان الله وتعالى عما يصفون!
  وأما قولك: إن الله ø لم يعطِ الخلق ما يأخذون به ما أمرهم به من دينه، ففرية منك على الله جل ثناؤه، وتكذيب لكتابه، وطعنٌ على عدله، وإثبات لعذر من عصاه من المشركين، وافترى عليه من الظالمين.
[هل تزيين الايمان وتكريه الكفر من الله]
  وأما سؤالك عن قول الله سبحانه: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ٧}[الحجرات].
  الجواب قال أحمد بن يحيى ª: فإن الله ø لم يجبرهم بذلك التحبيب، ولا بذلك التكريه، جبراً ولا قسراً، ولا جعله في قلوبهم كما يُجعل الشيء في الشيء، مثل السيف في الغمد، والماء في الراوية، وإنما جعل ذلك التحبيب والتكريه ø بالدعاء لهم، والتشويق إلى الجنة، وما أعدّ الله جل ثناؤه فيها من النعيم المقيم، والفوز العظيم، وما وصف من القصور، وما فيها من نواعم الحور، والأنهار الجارية، والثمار الدائمة، والأفنان الدانية، وأنهار العسل واللبن، والماء والخمر، الذي لا يشبه شيئا من نعيم الدنيا.