[شبه داحضة]
[شُبَه داحضة]
  ثم قال عبد الله بن يزيد البغدادي في كتابه وهو يخاطب صاحبه وهو يغريه بأهل العدل: واعلم أنك لن تسألهم عن شيء هو أشدّ عليهم من هذا وأشباهه، لأنهم يقولون: لا يكلِّف الله العباد إلا ما يستطيعون، فإن جعلوا لإنسانٍ شيئا ولم يعطوا الآخر انكسر قولهم، لأنهم إن كلفوا الآخر حينئذٍ ما على الآخر، ولم يُعطَ ما أُعطي الآخر، فقد كلّفوه حينئذٍ ما لا يطيق، لأن الشيء الذي كُلف لا ينال إلا بذلك الفضل الذي أُعطيه الآخر، فهو الآن مكلف ما لا يطيق.
  فإن قالوا: إنه بالعقل وبغير العقل، فسَلهم ما ذلك الشيء الذي هو غير العقل، فإنهم لن يصفوه لك أبداً إلا منّةً من الله.
  فقل لهم عند ذلك: إنا كذلك نقول، إنهم مكلَّفون حين يبلغون الحلم، وتقوم عليهم الفرائض، وتدرك العقول، وذلك حين يبلغون الحلم، ولا يطيقون ذلك الذي كلفوا إلا بمنّ الله وعونه وتعريفه!
  وإن شَغَب أحد منهم فقال: إنّا لا نَصِفه بم بمنِّ الله، وهو شيء سوى العقل.
  فقل لهم عند ذلك: أفما أُعطي الذين تزعمون مثل ذلك الشيء الذي هو [سوي] العقل؟
  فإن قالوا: بلى.
  فقل لهم: فمالهم لم يعرفوا كما عرف هؤلاء، وإنما هو شيءٌ مَن كان فيه مع عقله عرف، فإنهم سيفرّون من هذا الكلام أيضا، فلا توجد لهم حجة.