مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[تفنيد شبه البغدادي]

صفحة 118 - الجزء 1

[تفنيد شُبَه البغدادي]

  الجواب قال أحمد بن يحيى ª: نحن نقول: إن الله تبارك وتعالى لا يكلف عِلمَ الدين ولا الدين إلا كل بالغ وبالغة، من المتعبدين الكاملين، الكاملة عقولهم وجوارحهم، الساقط عنهم العذر وعِلَله.

  فإنا نقول: إنه لم يقع عليهم التكليف والاستطاعة والفعل في حال واحدة، وإن هذا الكلام الذي قلت يا عبد الله بن يزيد البغدادي كلام فاسد غير صحيح، لا يجوز أن يكون من حُكم الله ø، ولا من دينه، ولا أمره الذي افترض على عباده.

  ولكنا نقول: إن الرجل إذا بلغ مبالغ الرجال وجبت عليه الحجةُ، لكمال التركيب والعقل، وفي بنيته التي بُني عليها تركيبُ الاستطاعة حين سقط من بطن أمه، لأنه يتحرك ويقبض ويبسط، ويرضع ويصيح، ويبول ويتغوّط ويبكي، كل ذلك يفعله بالاستطاعة التي هي فيه، وحركاته هي فرع لاستطاعته، والاستطاعة موجودة فيه قبل أن يبلغ أو يؤمر أو يُنهَى، فلا يزال على تلك الحال في حال الطفولية حتى يرتفع عن تلك المنزلة إلى منزلة المشي والإفصاح بالكلام، والمجيء والذهاب، والحركة والأعمال التي يعمل، من الأكل والشرب، والعدْو والقعود، والضرب والعبث واللعب، وما عاين الخلقُ من أفعال الصبيان التي يفعلونها بالاستطاعة المركبة فيهم قبل الأمر والنهي، ثم جاء حدّ البلوغ والاستواء، ولزمت الفرائض.

  ولو كان الأمر على ما قلتم أن ليس معهم استطاعة قبل فعلهم، لم يُجزْ في حكمة الله ø أن يندبهم إلى أمر ليس معهم له استطاعة، ولا لهم عليه قوة، ولا لهم به طاقة، وهو يقول ø: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨١]، و {إِلَّا مَا آتَاهَا}⁣[الطلاق: ٧].