[2/حديث استسقاء الصحابة بالعباس بن عبد المطلب ¥]
  (٢) وَمِنْ ذَلِكَ مَا زَعَمُوهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِقَوْلِهِ: «أَتَوَجَّهُ بِكَ»: أَيْ بِدُعَائِكَ.
  وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا هُوَ التَّحْرِيْفُ بِعَيْنِهِ، وَحَاشَا الرَّسُولَ ÷ أَنْ يُلَغِّزَ هَذَا الإِلْغَاز، وَيُعَمِّيَ هَذِهِ التَّعْمِيْة، وَهْوَ الْمُبَيِّنُ لِلْنَّاسِ مَا يَخْتَلِفُونَ فِيْهِ.
  وَإِنَّ تَقْدِيْرَ مِثْلِ هَذَا الَّذِي يُخْرِجُ الْكَلَامَ الصَّرِيْحَ بِلَا دَلِيْلٍ قَاطِعٍ هُوَ عَيْنُ التَّحْرِيْفِ وَالتَّبْدِيْلِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَأْوِيْلاَتِ وَتَحْرِيْفَاتِ الصُّوْفِيَّةِ وَالبَاطِنِيَّة.
  وَلَوْ سَاغَ مِثْلُ هَذَا لَبَطَلَتِ النُّصُوص، وَلَمْ يَبْقَ ثِقَةٌ لِعُمُومٍ وَلَا خُصُوص.
  وَكَيْفَ يَكُونُ قَوْلُ الأَعْمَى: «ادْعُ اللَّهَ لِي» دَلِيْلاً عَلَى التَّقْدِيْرِ فِي كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ ÷ الصَّرِيْحِ لِمَا لَا يَحْتَمِلُهُ وَلَا يُشِيْرُ إِلَيْه، فَضْلاً عَنْ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْه؛ {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ٤٦}[الحج].
[٢/حديث استسقاء الصحابة بالعباس بن عبد المطلب ¥]
  وَمَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ(١) أَنَّ الصَّحَابَةَ اسْتَسْقَوا بِالْعَبَّاسِ ¥ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ÷، وَقَالَ عُمَرُ: «اللهُمَّ إِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّئنَا ...» الْخَبَرَ.
  وَغَيْرُ ذَلِكَ كَثِيْرٌ(٢).
  وَإِذَا ثَبَتَ شَرْعِيَتُهُ لَمْ يَقْبُحْ، وَلَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةً وَلَا شِرْكًا، وَسَوَاءٌ كَانَ بِحَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ؛ إِذ الْمُقْتَضِي وَاحِدٌ، وَحُرْمَةُ الْمَيِّتِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بَاقِيَةٌ ثَابِتَةٌ لَمْ يَرِدْ مَا
= فيها جميعًا أنَّه ÷ قد عَلَّمَه هذا الدعاء الذي فيه صريحُ التوسل بذاته ÷ إلى الله تعالى.
(١) صحيح البخاري، برقمي (١٠١٠)، و (٣٧١٠)، ط: (المكتبة العصرية).
(٢) منها ما رواه ابن أبي شيبة في (المصنف) برقم (٣٢٦٦٥) بإسناده عن مَالِكِ الدَّارِ، - وَكَانَ خَازِنَ عُمَرَ عَلَى الطَّعَامِ -، قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ قَحْطٌ فِي زَمَنِ عُمَرَ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ ÷، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَسْقِ لأُمَّتِكَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا، إلخ القصة.
قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) (٢/ ٦٢٩): «بإسناد صحيح».
ورواها البيهقي في (دلائل النبوة) (٧/ ٤٧). قال ابن كثير في (البداية والنهاية) (١٠/ ٧٣ - ٧٤) ط: (هجر) بعد أن خرَّجها من طريق البيهقي: «وهذا إسناد صحيح».
ورواها الخليلي في (الإرشاد) (١/ ٣١٣ - ٣١٤)، وأفاد: أنَّ مالك الدار مولى عمر بن الخطاب، تابعي قديم متفق عليه، أثنى عليه التابعون، ورواها أيضًا ابن عبد البر في (الاستيعاب) (٣/ ١١٤٩).