الرسالة الصادعة بالدليل في الرد على صاحب التبديع والتضليل،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[تصريح من الشيخ ابن تيمية بشرعية التوسل]

صفحة 132 - الجزء 1

  وَفِي هَذَا رَدٌّ صَرِيْحٌ مُفْحِمٌ لِمَنْ يَزْعُمُ أَنَّ مَعْنَى مَا وَرَدَ مِنَ التَّوَسُّلِ: هُوَ التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ.

  وَهْوَ وَإِنْ كَانَ مِنَ التَّأْوِيْلِ البَاطِلِ فَقَدْ يُمْكِنُ التَّلْبِيْسُ بِهِ عَلَى مَنْ لَا قَدَمَ لَهُ رَاسِخٌ، أَمَّا هَذَا فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيْهِ بِحَالٍ؛ إِذْ هُوَ قَبْلَ وُجُودِهِ، وَهْوَ أَبْلَغُ مِنَ التَّوَسُّلِ بِالْمَوْتَى مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالأَوْلِيَاءِ وَنَحْوِهِمْ؛ إِذْ قَدْ وُجِدُوا.

[تصريح من الشيخ ابن تيمية بشرعية التوسل]

  وَقَالَ أَيْضًا فِي (الجزءِ الثَّالِثِ - ص/٢٧٦)⁣(⁣١) فِي سِيَاقِ حُقُوقِ رَسُولِ اللَّهِ ÷ مَا لَفْظُهُ: (وَكَذَلِكَ مِمَّا يُشْرَعُ: التَّوَسُّلُ بِهِ فِي الدُّعَاءِ، كَمَا فِي الْحَدِيْثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ⁣(⁣٢) أَنَّ النَّبِيَّ ÷ عَلَّمَ شَخْصًا أَنْ يَقُولَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَسَّلُ إِليَكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَتَوَسَّلُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي ...») إلخ الخَبَرِ الَّذِي سَبَقَ.

  وَهَذَا صَرِيْحٌ فِي التَّوَسُّلِ بِذَاتِهِ ÷؛ لِمَا لَهُ مِنَ الْمَكَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَتَصْرِيْحٌ مِنَ الشَّيْخِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ.

  فَهَؤُلَاءِ الَّذِيْنَ يَمْنَعُونَهُ أَشَدَّ الْمَنْعِ، وَيَتَأَوَّلُونَ نَحْوَ هَذَا الْخَبَرِ النَّبَوِيِّ بِخِلَافِ حَقِيْقَتِهِ: مُخَالِفُونَ لِصَرِيْحِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ فِي هَذَا الْخَبَرِ الصَّحِيْحِ وَنَحْوِهِ، وَمُخَالِفُونَ


= (الحدائق الوردية) (١/ ١٤)، وغيرهم. وقد ذكر كثيرًا من تلك الروايات الإمام الكبير الناصر لدين الله تعالى: الحسنُ بن علي بن داود بن الحسن بن الإمام الهادي علي بن المؤيد $ في كتابه (أسنى العقائد) (مخ). والحاكم الجشمي في (تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين) (ص/٣٦) عن الإمام أبي طالب # بإسناده عن ابن عباس قصة استشفاع آدم # بأهل الكساء À وآلهم في الكلام على قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ٣٧}⁣[البقرة].

(١) وهو في طبعة (دار الوفاء) (٣/ ١٧٢).

(٢) سنن الترمذي، رقم (٣٥٧٨)، وقال: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيب».

وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي) (٣/ ٤٦٩).