[بحث في بناء المشاهد والقباب]
  فَالْعَجَبُ مِنْ جَعْلِ ذَلِكَ طَرِيْقَةً إِلَى التَّفْسِيْقِ وَالتَّكْفِيْرِ، وَتَضْلِيْلِ الْمُسْلِمِيْنَ بِمَا لَا يَتَحَقَّقُ فِيْهِ الظَّنُّ، فَضْلًا عَنِ القَطْعِ.
  وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ بَيْنَ ظَهْرَانَي أَئِمَّةِ الآلِ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ مِنْ دُونِ نَكِيْرٍ مِنْ أَحَدٍ، وَكَذَا سَائِر الْمُسْلِمِيْنَ.
[بحث في بناء المشاهد والقباب]
  وَأَمَّا بِنَاءُ الْمَشَاهِدِ وَالْقِبَابِ فَقَدْ قُبِرَ النَّبِيُّ ÷ فِي بَيْتِهِ بِأَمْرِهِ، وَهْوَ مَبْنِيٌّ مُسَقَّفٌ، وَقَرَّرَ ذَلِكَ الوَصِيُّ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ إِجْمَاعُ آلِ مُحَمَّدٍ ÷، وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِيْنَ ¤.
  وَلَازَالَ أَئِمَّةُ الآلِ فِي تَجْدِيْدِ مَا انْدَرَسَ مِنْ قُبُورِ أَهَالِيْهِمْ وَمَشَاهِدِهِمْ.
  وَمَنِ اطَّلَعَ عَلَى سِيَرِهِم عَلِمَ ذَلِكَ.
  وَلَيْسَ بِمُجَرَّدِ البِنَاءِ يَصِيْرُ الْمَبْنِيُّ مَسْجِدًا؛ إِذًا لَلَزِمَ أَنْ تَكُونَ البُيُوتُ وَالْحَمَّامَاتُ وَغَيْرُهَا مَسَاجِدَ، وَلَا قَائِلَ بِهِ.
  فَعَلَى فَرْضِ أَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ عَلَى القُبُورِ وَأَنْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فَوْقَهَا لاتِّخَاذِهَا هِيَ مَسَاجِد، فَغَايَتُهُ: تَحْرِيْمُ أَنْ يُبْنَى لِذَلِكَ الغَرَض، وَتَحْرِيْمُ جَعْلِهَا مَسَاجِدَ، وَلَا يُفِيْدُ تَحْرِيْمَ مُجَرَّدِ البِنَاءِ؛ إِذْ لَيْسَ كُلُّ بِنَاءٍ مَسْجِدًا قَطْعًا، فَلَا تُسَمَّى القِبَابُ وَالْمَشَاهِدُ مَسَاجِدَ لَا لُغَةً وَلَا شَرْعًا، وَلَا بُنِيَتْ لِتَكُونَ مَسَاجِدَ أَصْلًا.
  فَمَا هَذَا التَّكْثِيْرُ وَالتَّهْوِيْلُ بِغَيْرِ دَلِيْلٍ، وَهَذَا وَاضِحٌ لِمَنْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهْوَ شَهِيْدٌ.
  فَأَمَّا البِنَاءُ حَوْلَهَا فَلَيْسَ مَسْجِدًا مَالَمْ يُقْصَدْ تَسْبِيْلُهُ لِلصَّلَاةِ.