الرسالة الصادعة بالدليل في الرد على صاحب التبديع والتضليل،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[مشروعية زيارة النساء للقبور]

صفحة 143 - الجزء 1

  مَسَاجِدَ، وَنَقُولُ بِمُوْجَبِهِ، وَلَكِنْ أَيْنَ ذَلِكَ مِمَّا يَرُومُهُ⁣(⁣١) صَاحِبُ الرِّسَالَةِ؟!.

  مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اللَّعْنُ وَالذَّمُّ لاتِّخَاذِهَا مَعْبُودَةً مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي قَوْلِهِ ÷: «اللهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ».

  وَفِي هَذَا: تَنْبِيْهٌ عَلَى أَنَّ سَبَبَ اللَّعْنِ بِذَلِكَ جَعْلُهُمْ لَهَا أَوْثَانًا تُعْبَدُ، كَمَا قَدْ رَوَى ذَلِكَ صَاحِبُ الرِّسَالَةِ.

  وَهْوَ يَنْقُضُ جَعْلَكَ لَهَا ذَرِيْعَةً فِي كَلاَمِك، فَهْوَ حُجَّةٌ عَلَيْكَ لَا لَكَ.

  وَقَدْ أَفَادَ الْمَقْصُودَ بِالنَّهْيِ مَا رَوَاهُ الإِمَامُ الأَعْظَمُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ @(⁣٢) بِسَنَدِ آبَائِهِ $ عَنِ النَّبِيِّ ÷، قَالَ فِي أَثْنَاءِ حَدِيْثٍ: «وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِيْنَ كَانُوا يَأْتُونَهَا فَيَعْكِفُونَ⁣(⁣٣) عِنْدَهَا، وَيَنْحَرُونَ عِنْدَهَا، وَيَقُولُونَ هُجْرًا⁣(⁣٤) مِنَ القَوْلِ، فَلَا تَفْعَلُوا كَفِعْلِهِمْ، وَلَا بَأْسَ بِإِتْيَانِهَا؛ فَإِنَّ فِي إِتْيَانِهَا عِظَةً مَا لَمْ تَقُولُوا هُجْرًا»، فَصَرَّحَ بِأَنَّ النَّهْيَ لِلْعُكُوفِ وَالنَّحْرِ وَالْهُجْرِ.

  وَالْعُكُوفُ عَلَيْهَا: هُوَ العِبَادَةُ كَمَا أَشَرْتَ إِلَيْهِ فِي تَفْسِيْرِ مُجَاهِدٍ الَّذِي رَوَيْتَهُ.

[مشروعية زيارة النساء للقبور]

  قَالَ: «وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ÷ زَائِرَاتِ القُبُورِ، وَالْمُتَّخِذِيْنَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُج».


(١) (رَامَ) الشَّيْءَ: طَلَبَهُ، وَبَابُهُ قَال. وَ (الْمَرَامُ): الْمَطْلَبُ. انتهى بتصرف من (مختار الصحاح).

(٢) مجموع الإمام الأعظم زيد بن علي @ (المسنَد) (ص/٢٤٥ - ٢٤٦) في (باب الأكل من لحوم الأضاحي).

(٣) «عَكَفَ عليه يَعْكِفُ ويَعْكُفُ، عَكْفًا وَعُكُوفًا: أَقْبَلَ عليهِ مُواظِبًا لا يَصْرِفُ عنه وَجْهَه. وقيل: أَقامَ، ومنه قولُهُ تعالى: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ}، أَي: يُقِيمُون. وقَرَأَ الكُوفِيُّونَ غَيْرَ عاصِمٍ: {يَعْكِفُونَ} بكسر الكافِ، وَالبَاقُونَ بضَمِّها». تمت من (تاج العروس).

(٤) الْهُجْرُ - بِالضَّمِّ -: الْفُحْشُ، وَهْوَ اسْمٌ مِنْ هَجَرَ يَهْجُرُ، مِنْ بَابِ قَتَلَ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: أَهْجَرَ فِي مَنْطِقِهِ بِالْأَلِفِ إذَا أَكْثَرَ مِنْهُ حَتَّى جَاوَزَ مَا كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ. من (المصباح).