الرسالة الصادعة بالدليل في الرد على صاحب التبديع والتضليل،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[ادعاء صاحب الرسالة أن هذا وأمثاله صيانة لحمى التوحيد، والجواب عليه]

صفحة 150 - الجزء 1

  الْجَوَابُ: أَنَّ الْحَدِيْثَ مُصَرِّحٌ بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ اللَّعْنَ وَالْغَضَبَ لاتِّخَاذِهَا أَوْثَانًا تُعْبَدُ، وَلَيْسَ فِيْهِ تَنْبِيْهٌ عَلَى مَا ذَكَرْتَ مِنَ التَّوَصُّلِ وَالإِشَارَةِ.

  قَالَ: «وَبِالْجُمْلَةِ فَمَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالشِّرْكِ وَأَسْبَابِهِ وَذَرَائِعِهِ، وَفَهِمَ عَنِ الرَّسُولِ ÷ مَقَاصِدَهُ جَزَمَ جَزْمًا لَا يَحْتَمِلُ النَّقِيْضَ أَنَّ هَذِهِ الْمُبَالَغَةَ مِنْهُ بِاللَّعْنِ وَالنَّهْي بِصِيْغَةِ: «لَا تَفْعَلُوا»، وَصِيْغَةِ: «إِنِّي أَنْهَاكُمْ ...»، لَيْسَ لأَجْلِ النَّجَاسَةِ، بَلْ هُوَ لأَجْلِ نَجَاسَةِ الشِّرْكِ اللَّاحِقَةِ بِمَنْ عَصَاه، وَارْتَكَبَ مَا عَنْهُ نَهَاه، وَلَمْ يَخْشَ رَبَّهُ وَمَوْلَاه».

  الْجَوَابُ: مِنْ أَيْنَ لَكَ الْجَزْمُ بِذَلِكَ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ دَلِيْلٌ وَلَا أَمَارَةٌ.

  وَأَيْضًا لَا مَانِعَ أَنْ تَكُونَ العِلَّةُ غَيْرَ مَا ذَكَرْتَ، فَمَا دَلِيْلُ الْحَصْرِ فِيْمَا ادَّعَيْتَهُ؟.

  عَلَى أَنَّهُ قَدْ قَامَ الدَّلِيْلُ بِخِلَافِ مَا ذَكَرْتَ مِنْ جَعْلِهَا وُصْلَةً، وَهْوَ مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّصُّ مِنْ نَفْسِ اتِّخَاذِهَا أَوْثَانًا تُعْبَدُ، فَبَطَلَتْ دَعْوَاكَ الْحَصْر.

  وَقَدْ رَجَعْتَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى الْحَقِّ - عَلَى غَيْرِ قَصْدٍ - فِي قَوْلِكَ: «بَلْ هُوَ لِنَجَاسَةِ الشِّرْكِ اللَّاحِقَةِ بِمَنْ عَصَاه، وَارْتَكَبَ مَا عَنْهُ نَهَاه، وَلَمْ يَخْشَ رَبَّهُ وَمَوْلَاه».

[ادّعاء صاحب الرسالة أن هذا وأمثاله صيانة لحمى التوحيد، والجواب عليه]

  قَالَ: «فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ النَّبِيِّ ÷ صِيَانَةٌ لِحِمَى التَّوْحِيْدِ أَنْ يَلْحَقَهُ الشِّرْكُ وَيَغْشَاه، وَتَجِرْيِدٌ لَهُ وَغَضَبٌ لِرَبِّهِ أَنْ يُعْدَلَ بِهِ سِوَاه».

  الْجَوَابُ: لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ تُرِيْدَ بِمَا أَشَرْتَ إِلَيْهِ بِقَوْلِكَ: «فَهَذَا ...» إِلخ، مَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ مِنِ اتِّخَاذِهَا أَوْثَانًا وَنَحْوَهُ كَمَا أَشَرْتَ إِلَيْهِ بِقَوْلِكَ: «بَلْ هُوَ لِنَجَاسَةِ الشِّرْكِ ...» إلخ، فَهْوَ مَعْلُومٌ مُسَلَّمٌ وَلَا نِزَاعَ فِيْهِ.

  وَإِمَّا أَنْ تُرِيْدَ بِهَا مَنْعَ الزِّيَارَةِ وَالدُّعَاءِ وَالتِّلاَوَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا نَدَبَ إِلَيْهِ