الرسالة الصادعة بالدليل في الرد على صاحب التبديع والتضليل،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[الكلام على تسوية القبور المشرفة]

صفحة 153 - الجزء 1

  يُخْرِجُوكُمْ مِنْ هُدَى، وَلَنْ يُدْخِلُوكُمْ فِي رَدَى، فِي آيَاتٍ تُتْلَى، وَأَخْبَارٍ تُمْلَى، وَأَنْتَ عَكَسْتَ القَضِيَّةَ، وَأَخْطَأْتَ الرَّمِيَّة، وَعَدَلْتَ عَنِ السَّوِيَّة، فَجَعَلْتَهُمْ خَارِجِيْنَ عَنِ الْهُدَى، دَاخِلِيْنَ فِي الضَّلاَلَةِ وَالرَّدَى.

  وَأَمَرَ الرَّسُولُ ÷ بِالتَّعَلُّمِ مِنْهُم، وَالْحَذْوِ حَذْوَهُم، وَالتَّمَسُّكِ بِهَدْيِهِم، وَأَنْتَ أَخَذْتَ مِنْ غَيْرِهِم، وَتَعَلَّمْتَ مِنْ خُصِومِهِم، وَتَمَسَّكْتَ بِهَدِي أَعْدَائِهِم.

  وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ ÷ عَنْ شَتْمِهِمْ، وَالتَّأَخُّرِ عَنْهُمْ وَمُخَالَفَتِهِمْ، فَقَالَ: «لَا تَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَتَهْلِكُوا، وَلَا تُخَالِفُوهُمْ فَتَضِلُّوا، وَلَا تَشْتُمُوهُمْ فَتَكْفُرُوا»، وَأَنْتَ تَأَخَّرْتَ عَنْهُم، وَخَالَفْتَهُمْ، وَشَتَمْتَهُم.

  وَلَمْ يَرْتَكِبِ الْخَوَارِجُ وَمَنْ حَذَا حَذْوَهُمْ مِنَ الْمُنَاصِبِيْنَ لِلْعِتْرَةِ الزَّكِيَّةِ مَا ارْتَكَبُوهُ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الطَّرِيْقَةِ الشَّنِيْعَة، الَّتِي أَوْصَلَتْهُمْ بِالتَّحْقِيْقِ إِلَى كُلِّ مَقَالَةٍ فَظِيْعَة.

  فَمَا بَالُكَ تَنْهَى عَنِ الذَّرَائِع، وَأَنْتَ فِي سُوْحِها رَاتِع⁣(⁣١)، {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ٤٤}⁣[البقرة].

  قَالَ: «فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الْمَقْبَرَةِ، وَهَؤلَاءِ صَلَّوا عِنْدَهَا، وَنَهَى عَنِ اتِّخَاذِها مَسَاجِدَ، وَهَؤلَاءِ يَبْنُونَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ».

  إِلَى قَوْلِهِ: «وَنَهَى عَنْ إِيْقَاد السُّرُجِ عَلَيْهَا».

  الْجَوَابُ: تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ بِمَا فِيْهِ كِفَايَةٌ لِلْمُسْتَبْصِرِ.

[الكلام على تسوية القبور المشرفة]

  قَالَ: «وَأَمَرَ بِتَسْوِيَتِهَا كَمَا فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ⁣(⁣٢).


(١) «(السَّاحَة: النّاحِيةُ، و) هِيَ أَيضًا (فَضَاءٌ) يكون (بَين دُورِ الحَيِّ)، وساحَةُ الدّارِ: باحَتُها. (ج: سَاحٌ، وسُوحٌ وسَاحَاتٌ). قَالَ الجوهَرِيّ: مثل بَدَنَةٍ وبُدْنٍ، وخَشَبَة وخُشْبٍ. والتَّصغير سُوَيْحَةٌ». تمت من (التاج).

(٢) صحيح مسلم برقم (٢٢٤٣).