الرسالة الصادعة بالدليل في الرد على صاحب التبديع والتضليل،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[ادعاء صاحب الرسالة أن الدعاء عند القبر من كيد الشيطان، والجواب عليه]

صفحة 168 - الجزء 1

  فَرْضًا - وُجُودَهَا فَمِنْ أَيْنَ لَكَ أَنَّهَا العِلَّةُ فِي الْحُكْم؟ مَعَ أَنَّهَا مَنْقوضَةٌ بِمَا بُنِيَ مُفَاخَرَةً وسُمْعَةً ومُكَاثَرَة؟.

  وَأَمَّا قَوْلُكَ: «وَلَا يَصِحُّ هَذَا الوَقْفُ، وَلَا يَحِلُّ إِثْبَاتُهُ وَتَنْفِيْذُهُ».

  فَنَقُولُ: قَدْ ثَبَتَتْ شَرْعِيَّةُ الزِّيَارَةِ لِلْقُبُورِ وَالتِّلَاوَةِ عِنْدَهَا وَالدُّعَاءِ كَمَا سَبَقَ، فَالوَقْفُ صَحِيْحٌ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ القُرْبَةِ الْمَنْدُوبِ إِلَيْهَا كَسَائِرِ الْقُرَبِ.

  وَبَعْدَ هَذَا، فَقَدْ أَكْثَرْتَ أَيُّهَا الْمُتَرَسِّلُ مِنَ التَّشْنِيْعِ وَالتَّبْدِيْع، وَالتَّضْلِيْلِ وَالرَّمْيِ لِطَوَائِفِ الْحَقِّ بِمَا لَمْ يَعْتَقِدُوه، وَلَمْ يَفْعَلُوه، وَلَمْ يَرْضَوه، وَلَمْ يُقَارُّوا عَلَيْهِ، وَتَشْبِيْهِهِم بِاليَهُودِ وَالنَّصَارَى بِغَيْرِ دَلَالَةٍ وَلَا بُرْهَان، وَحِسَابُكَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْمَلِكِ الدَّيَّان.

[ادِّعاءُ صاحب الرِّسالة أنَّ الدعاء عند القبر من كيد الشيطان، والجواب عليه]

  قَالَ: «وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الشَّيْطَانَ بِلُطْفِ كَيْدِهِ يُحَسِّنُ الدُّعَاءَ عِنْدَ القَبْرِ، وَأَنَّهُ أَرْجَحُ مِنْهُ فِي بَيْتِهِ وَمَسْجِدِهِ وَأَوْقَاتِ الأَسْحَارِ ...» إلخ.

  الْجَوَابُ: قَدْ تَقَدَّمَ مِرَارًا أَنَّ الرَّسُولَ ÷ قَدْ نَدَبَ إِلَى الدُّعَاءِ عِنْدَ القُبُورِ، وَفَعَلَهُ مُؤَخَّرَ اللَّيْلِ، وَبَيَّنَ كَيْفَ يُقَالُ فِيْهِ كَمَا رَوَيْتَهُ، وَفَعَلَهُ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، فَكَيْفَ تَنْسِبُ تَحْسِيْنَ ذَلِكَ إِلَى الشَّيْطَانِ؟ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

  وَنَقُولُ: اعْلَمْ أَنَّ الشَّيْطَانَ بِخُبْثِ كَيْدِهِ يُحَسِّنُ لِأَهْلِ البِدَعِ وَالزَّيْغِ الإِنْكَارَ لِمَا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَهْلَ البَيْتِ $، وَرَفَعَ مِن قَدْرِهِم، فإذا تَقَرَّرَ ذَلِكَ لَدَيهِم أَدْحَضَهُم إِلَى مَزَلَّةٍ أُخْرَى، وَهْيَ نِسْبَتُهُم وَشِيْعَتِهِمْ إِلَى الاِبْتِدَاعِ وَالْمُخَالَفَةِ لِمَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ وفِعْلِ مَا نَهَى عَنْهُ، فَإِذَا خَيَّلَ لَهُم ذَلِكَ وَأَشْرَبَهُ قُلُوبَهُم نَقَلَهُم إلى دَرَكٍ آخَرَ، وَهْيَ: أَنْ يَحْكُموا بِضَلَالِ أَهْلِ السَّفِيْنَةِ وَأَتْبَاعِهِم الهُدَاةِ، وَرَمْيِهِم بِالإِشْرَاكِ، وَتَشْبِيْهِهِم بِاليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالغَالِيْنَ مَعَ عَلِيٍّ #.