الرسالة الصادعة بالدليل في الرد على صاحب التبديع والتضليل،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[بعض الشبه حول هذا الحديث، والجواب عنها]

صفحة 129 - الجزء 1

  بْنِ حُنَيْفٍ ¥ أَنَّ أَعْمَى أَتَى النَّبِيَّ ÷ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ لِي عَنْ بَصَرِي. فَقَالَ: «أَوْ أَدَعُكَ؟». فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّي قَدْ شَقَّ عَلَيَّ ذَهَابُ بَصَرِي. قَالَ: «فَانْطَلِقْ فَتَوَضَّأْ وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِي اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ».

  ولَمَّا كَانَ هَذَا الْخَبَرُ الصَّحِيْحُ الصَّرِيحُ حُجَّةً دَامِغَةً، وَبَيِّنَةً قَاطِعَة، أَبْلَغَ الجَاحِدُونَ لِشَرْعِيَّةِ التَّوَسُّلِ كُلَّ حِيْلَة، وتَوَصلوا لِتَحْرِيفِهِ وَرَدِّ صَرِيْحِ لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ بِكُلِّ وَسِيْلَة.

[بعض الْشُّبَه حول هذا الحديث، والجوابُ عنها]

  (١) مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ الأَعْمَى إِنَّمَا سَأَلَ مِنَ الرَّسُولِ ÷ الدُّعَاءَ.

  وَالجَوَابُ: أَنَّا إِنَّمَا احْتَجَجْنَا بِقَوْلِ الرَّسُولِ ÷ لَا بِقَوْلِ الأَعْمَى؛ فَإِنَّهُ ÷ عَلَّمَه التَّوَسُّلَ حَيْثُ قَالَ لَهُ: «قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِليْكَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِي».

  فَهَلْ شَيءٌ أَصْرَحُ مِنْ هَذَا فِي أَنَّهُ عَلَّمَهُ أَنْ يَتَوَسَّلَ بِهِ، وَأَنْ يُنَادِيَهُ وَهْوَ غَائِبٌ، وَهْوَ كَنِدَاءِ الْمَيِّتِ بِلَا فَرْق⁣(⁣١).


= ورواه الطبراني في (الكبير) (٩/ ١٧)، رقم (٨٣١١)، وقال المحقق (السلفي): «لا شَكَّ في صحة الحديث المرفوع». قلت: ورواه أيضًا: عَبْدُ بن حُمَيد في (المسند) برقم (٣٧٩)، وأحمد بن حنبل في (المسند) (٢٨/ ٤٧٨)، بأرقام (١٧٢٤٠)، و (١٧٢٤١)، و (١٧٢٤٢)، ط: (الرسالة)، وصحح المحققون لمسند أحمد لهذه الطبعة أسانيدها. ورواه البخاري في (التاريخ الكبير) (٦/ ٢٠٩)، والحافظ البيهقي في (دلائل النبوة) (٦/ ١٦٦)، وقال: «ورويناه في كتاب الدعوات بإسناد صحيح».

ورواه الحافظُ أبو نُعيم في (معرفة الصحابة) بأرقام (٤٩٢٦) و (٤٩٢٧) و (٤٩٢٨) و (٤٩٢٩)، وابنُ السني في (عمل اليوم والليلة) برقم (٦٢٨)، والحافظ عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام الشرعية الكبرى) (٣/ ٥٥٠)، وبوَّب له: «باب الدعاء إلى الله والتوسل إليه بالنبيِّ ÷». وصححه السيوطي كما في (الجامع الصغير) (١٩٤)، رقم (١٥٠٨). وعلى الجملة: «فالحديثُ صحيحٌ بِإِجماعِ الحُفَّاظِ، لا مَطْعَنَ فيه ولا مَغْمَزَ». كذا قال بعض المحققين.

(١) وليس في شيء من روايات الحديث - عَلَى تعدد طرقها - أَنَّ الرسولَ ÷ دَعَا للأعمى، بل =