كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب الهدي وما يتصل بذلك

صفحة 183 - الجزء 1

  بدنة قد ساقها، وكذلك إن لم يسقها، والمتمتع يجب عليه ما استيسر من الهدي، وأفضلها البدنة ثم البقرة ثم الشاة.

  والبدنة تجزئ عن عشرة من المتمتعين، والبقرة عن سبعة، قال في (الأحكام): إذا كانوا من أهل بيت واحد، والشاة عن واحد.

  قال أبو العباس الحسني: إنما يجوز الاشتراك في الهدي إذا كان من يشاركه مؤدي فرض، وإذا لم يكن مؤدي فرض لم يشاركه متقرباً كان أو غيره، وعلى هذا يدل ظاهر قول يحيى #: تجزئ البدنة عن عشرة من المتمتعين.

  والأقرب أن يكون قوله: إذا كانوا من أهل بيت واحد، إنما قصد به أن يعرف بعضهم أحوال بعض، فيعلم كل واحد منهم أن شريكه مثله في كونه مؤدياً للفرض.

  قال القاسم # في مسائل النيروسي: وما أحب للمتمتع أن يشارك في دم، فإن لم يجد ما ينفرد به، صام ما أمره الله تعالى به.

  قال أبو العباس: معنى قوله: فإن لم يجد ما ينفرد به؛ هو: أن لا يجد من يشاركه في غير الشاة إلا حلالاً.

  قال: والتفرد أفضل ما أمكن، ولو أن سبعة من المتمتعين اشتركوا في بدنة، فضلّت عنهم أو سُرِقَت وأخلفوا مكانها أخرى ثم وجدوا الأولى فعليهم أن ينحروا إحداهما وينتفعوا بالأخرى، إن شاءوا ببيع أو غيره.

  فإن اشتركوا في هدي تطوعاً فضلَّ وأخلفوا بدله أخزى، ثم وجدوه، وجب عليهم أن يهدوهما جميعاً وينحروهما، ولا يجوز أن ينتفعوا بواحد منهما.

  ومن ساق هدياً، بدنة كانت أو بقرة أو شاة، فنتجت في الطريق فالولد هدي كالأم، ولا يجوز لصاحبها أن يشرب من لبنها أو يسقي أحداً؛ فإن فعل فليتصدق بقيمته، فإن خشي على الهدي من تركه في ضرعه حلبه فتصدق به.

  وإن خاف على الهدي عطباً في الطريق جاز أن يبيعه ويستبدل بثمنه هدياً آخر؛