كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب ذكر الحاج إذا ورد الميقات عليلا والمرأة إذا وردته حائضا أو حاضت بعد ذلك

صفحة 185 - الجزء 1

  ولا أن ينتفع به، ولا أن يعطي من يجزره⁣(⁣١) أو يذبحه منه جلداً ولا لحماً.

  والبدنة إذا سيقت وهي هدي فلا يجوز أن يُحْمَل عليها شيء، إلا أن تنتج فيحمل عليها ولدها، ولا يجوز أن يركبها هو، ولا من يتصل به من خدمه، ولا من غيرهم، إلا من ضرورة، فيركب ركوباً خفيفاً لا يتعبها، ولا يعيرها.

  فإن رأى صاحبها رجلاً من المسلمين قد فدحه المشي جاز له أن يُرْكِبَه إياها في الوقت بعد الوقت والليلة بعد الليلة.

باب ذكر الحاج إذا ورد الميقات عليلاً والمرأة إذا وردته حائضاً أو حاضت بعد ذلك

  الحاج إذا ورد الميقات وهو عليل علة لا يستطيع معها الإحرام والدخول في الحج ولا يعقل، فإنه يؤخر أمره إلى آخر المواقيت، ثم يُجَرّد من ثيابه ويُغْسل ويُصَبّ عليه الماء صباً إن لم يضره ذلك، فإن كان التجرد من الثياب يضره فإنه يلبس ما يحتاج إليه من الثياب وعليه الفدية، ثم يُهَلُّ عنه بما كان نواه من حج أو عمرة.

  ويقول من ينوب عنه: اللهم هذا عبدك قد خرج قاصداً إلى الحج، وقد أحرم لك شعره وبشره ولحمه ودمه؛ ثم يلبي عنه، ويجنبه ما يجب على المحرم اجتنابه، وينوب عنه في ذلك رفقاؤه ومن هو أخص به من عشيرته وأهله أو زميله.

  فإن أفاق عند انتهائه إلى مكة قضى أعمال مناسكه، وإن لم يفق فإنه يُطَافُ به ويُسعى به بين الصفا والمروة؛ ثم يُحْمل إلى منى، ثم إلى عرفة فيوقف هناك، ثم يُفَاض به إلى المزدلفة فيبيت هناك، ثم يحمل في اليوم الثاني وهو يوم النحر إلى المشعر الحرام.

  ثم يُرَدّ إلى منى ويرمى عنه، وينحر أو يذبح إن لزمه الهدي، ويُحلَق رأسه أو


(١) في (أ): يجزّه.