باب المهور وأحكامها
  ولو أن رجلاً تزوج امرأة على مملوك، فقبضته منه، ثم وهبته له، ثم طلقها الزوج قبل الدخول، فإن كانت المرأة وهبته له لا لطلب عوض بل على وجه القربة، نحو صلة الرحم إن كانت بينهما، أو لغير ذلك من طلب مرضاة الله تعالى، لم يكن لها أن ترجع فيما وهبت، وإذا لم يكن لها ذلك، كان للزوج أن يرجع عليها بنصف قيمته.
  وإن كانت وهبته طلباً لمرضاته، واستجلاباً لحسن عشرته ومودته، كان لها أن ترجع عليه بالعبد، وللزوج أن يرجع عليها بنصف قيمته.
  وكذلك القول إن تزوجها على عين أو ورق أو غير ذلك، فإن كان العبد قائماً بعينه في يد المرأة على ما كان عليه يوم قبضته لم يحدث فيه حدث ولا تجدد ملك، فإنه يكون بينهما نصفين، على قياس قول يحيى #.
  قال أبو العباس: وإن باعته قبل أن يطلقها ورُدَّ عليها بالعيب بحكم حاكم ثم طلقها، كان للزوج نصفه، وإن قبلته من غير حكم حاكم، كان له نصف قيمته.
  ولو أن رجلاً وكّل رجلاً بأن يزوجه امرأة على ألف درهم مهراً فزوجه إياها على ألفين؛ فإن رضي الموكل بذلك ثبت النكاح، وإن لم يرض بطل، وإن قال: أرضى بالعقد ولا أرضى إلا بألف، عُرِضَ ذلك على المرأة، فإن رضيت بذلك ثبت النكاح، وإن لم ترض انفسخ.
  ولو أن ولي المرأة وكّل رجلاً بأن يزوجها، فزوجها بأقل من مهر مثلها مما يتغابن الناس بمثله، جاز ذلك، وإن نقص عن مهر مثلها القدر الذي لا يتغابن الناس بمثله كان للمرأة مهر المثل إذا لم ترض بذلك ولم تجزه، فإن أحب الزوج وفّاها ذلك، وإن لم يحب فارقها، ولها نصف المسمى؛ فإن زوجها بأكثر من مهر مثلها جاز ذلك.
  والمراد بقولنا: إن أحب الزوج فارقها ولها نصف المسمى: أن الزوج إن اختار الطلاق فطلقها قبل أن تختار المرأة الفسخ، كان لها نصف المسمى، وإن اختارت المرأة الفسخ قبل أن يختار الرجل الطلاق لم تستحق شيئاً؛ لأن المفارقة إن وقعت