كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب ما يثبت به التفليس وحكم الإعسار

صفحة 503 - الجزء 1

  أفلس؛ كان صاحب النخل أولى بنخله، وكان أسوة الغرماء فيما استهلكه المشتري من التمر.

  وكذلك إن اشترى أرضاً وفيها شجر من شجر الفواكه وقد خرجت فيه الفواكه، فاستهلكها المشتري، فإن كان المشتري هو الذي أبَّر النخل، أو لم تكن الفواكه قد خرجت في حال الشراء ثم حدثت من بعد؛ فالأرض للبائع وعليه أن يصبر إلى أن يجذ التمر وتقطف الفواكه.

  فإن اشترى أرضاً فغرس فيها غروساً، أو بنى فيها داراً، أو اشترى داراً فهدمها، ثم بنى فيها بناء جديداً، فتحصيل المذهب في ذلك على الأصل الذي بيناه واستنبطناه من مجموع ما ذكره في (الأحكام) أن البائع يكون أولى بأرضه وبالغروس والبناء، ويرد على الغرماء قيمة ما أحدث فيه المشتري من الغروس والبناء وهي قائمة؛ إن اختار ذلك، وإن لم يختره سلم الأرض والغروس والبناء إلى الغرماء، ويكون أسوتهم في ثمن الأرض يأخذ ما يخصه.

  وما جرى في كلامه من أنه إن أبى دفع قيمة الغروس والبناء إلى الغرماء، وأحبوا أن يقلعوا الغروس والبناء فعلوا ذلك؛ فإنما قاله على سبيل التراضي بينهم إذا رضي الجميع به دون الحكم عليهم بذلك.

  وإذا اشترى رجل من رجل جارية فولدت الجارية عند المشتري أولاداً من غيره، فالبائع أولى بالجارية دون الأولاد، ويقضى بهم للغرماء، وإن كانت الجارية قد ولدت من المشتري، كانت أم ولده، ويكون البائع أسوة الغرماء.

  وإن اشترى مملوكاً ووهب له مالاً ثم أفلس، كان البائع أولى بالعبد دون المال، ويُقْضَى بالمال للغرماء، وإن اشتراه مع المال، كان البائع أولى به وبالمال، فإن كان المشتري قد استهلك المال، كان البائع أولى بالعبد، ويكون في ثمن المال أسوة الغرماء.

  وكذلك إن اشترى إبلاً أو بقراً فتلف بعضها وبقي بعضها، يأخذ البائع ما