كتاب التحرير،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

باب الإحصار

صفحة 196 - الجزء 1

  ولا يجوز أن يفعل شيئاً من ذلك في بلده، وتحصيل المذهب فيه أنه يجب أن يتصدق بذلك في الحرم.

  وإذا أحرم العبد بإذن سيده فما يلزمه من جزاء أو كفارة عما فعله ناسياً أو مضطراً فعلى سيده إخراجه عنه، فإن شاء أهدى، وإن شاء أمره بالصوم، وإن شاء أطعم عنه، وما يلزمه من ذلك عما يفعله تمرداً أو متعمداً فليس على سيده مما يلزم عنه شيء، ويكون ذلك ديناً في ذمته، فإذا عتق خرج منه.

  وكذلك القول في الأمة والصبيان إذا أحرموا لم يلزمهم الجزاء والفدية عن شيء يفعلونه، فإن حماهم أولياؤهم عن فعل ما يمنع منه الإحرام كان حسناً.

  والمدينة حرم فحكمها حكم مكة في أنها لا يصطاد صيدها ولا يعضد شجرها، وصيدها محرم.

باب الإحصار

  الإحصار يكون بالمرض كما يكون بالعدوّ، فإذا أحصر المحرم عن المضي فيما أحرم له من حج أو عمرة بمرض مانع له من السير أو عدوّ يخافه أو حبس ظالم له؛ فعليه أن يبعث بما استيسر من الهدي.

  والهدي: أقلّه شاة، ويواعد رسوله يوماً من أيام النحر، ويوقّت وقتاً فيه لذبحه بمنى، هذا إذا كان حاجاً، فإذا كان ذلك اليوم وذلك الوقت حلّ من إحرامه، والمستحب له أن يؤخر الخروج من إحرامه بعد ذلك الوقت احتياطاً، نحو أن يكون قد واقفه على ذبحه في أول النهار فيؤخر الحلق إلى نصفه، أو في نصفه فيؤخره إلى آخره.

  فإن كان معتمراً فإنه يواعده أي يوم أراده؛ لأن هدي المعتمر يجوز ذبحه في كل وقت، ولكن لا يجوز أن يذبحه دون الحرم، كما أن هدي الحاج لا يذبحه دون منى.

  فإن تخلص من إحصاره وخرج ولحق الوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر من يوم النحر، فقد أدرك الحج، وله أن ينتفع بهديه الذي أنفذه ويصنع به ما شاء من بيع