عصمة نبيئنا محمد ÷
  والصحيح أنه استدلالي وعلم الصبيان - إن سُلِّم أنّ لهم علماً - والبله لا يصلح دليلاً على أنه ضروري لأن لهم تمييزاً يميزون به بين الأشياء وإن كانت عقولهم لم تكمل بعد فلو كان لصبي عشرة إخوة فجاءه واحد منهم فأخبره بأن أباه غاضب عليه لحصل له خوف في نفسه ثم جاءه الثاني فأخبره بنفس ما أخبره أخوه الأول لزاد الخوف في نفسه، ثم جاءه الثالث فأخبره بمثل خبرهم لازداد الخوف، ثم الرابع فيزداد الخوف، ثم كذلك كلما أخبره واحد من إخوته ازداد خوفه فيقوى الخوف في قلبه كل ذلك لأن له تمييزاً فكلما أخبره مخبرٌ منهم يقوى ظنه فيزداد خوفه حتى يحصل له علم بأن أباه غاضب عليه ففي ما ذكرنا دليل على أن للصبيان ونحوهم نظراً إن سُلم إن لهم علماً وإذا كان لهم نظر فما حصل لهم من العلم بالأخبار المتواترة فهو علم استدلالي، وكذلك الواسطة في السند، وكل درجة من السند يشترط أن يكون المخبر جماعة فإذا كان المخبر جماعة عن واحد عن جماعة فليس بمتواتر.
  ومن المتواتر: حديث الغدير وهو قوله ÷ لعلي # يوم الغدير يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة في السنة العاشرة للهجرة النبوية وقد جمع الناس في مكان يقال له غدير خم وذلك في حجة الوداع بعدما قضى النبيُ ÷ حجه وقضى الناس حجهم في طريق عودتهم قبل أن تتفرق القوافل فقال ÷ بعد أن أخذ بيد علي ورفعها حتى بدا بياض إبطيهما: «أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله» فهذا الحديث متواتر لفظاً ومعنى.
  ومن المتواتر: ما تواتر معناه وهو المتواتر المعنوي ومثاله: شجاعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # فإن من قرأ التاريخ وتتبع الأخبار علم شجاعة علي #، والأخبار المروية في وقعات علي # آحادية، لكن مجموعها يفيد بلازمه أن أمير المؤمنين علياً # شجاع.
  من ذلك: ما روي أنه لم يبرز لعمرو بن ودٍّ إلا عليٌّ #، وهو من الثلاثة الذين برزوا يوم بدر