صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في معنى النسخ في الشريعة]

صفحة 143 - الجزء 1

  اللذين أزيل حكمهما ببعض هذه الأدلة على هذه الشروط إنهما منسوخان، وذكر شيخنا | أن الحدّ لا يصح لأنه يخرج منه ما هو منه، وبذلك نعلم انتقاض الحدود؛ لأن إزالة مثل الحكم الشرعي بدلالة شرعية قد يسمى نسخاً، وإن لم يكن الحكم المزال، والدليل المزيل ثابتين بقول وارد من الله سبحانه أو بقول وفعل منقولين عن رسول الله ÷، بأن يكونا ثابتين بالتقرير أو الإجماع أو يكون أحدهما ثابتاً ببعض هذه الأدلة.

  وذكر ¦ أن هذه الطريقة تبطل الحد المحكي عن أبي هاشم، ومن طابقه؛ لأنهم قصدوا ثبوت الحكم بالنص وبنوا عليه الكلام ولم يذكروا ما ثبت بالتقرير والقياس والإجماع، فخرج عن الحد ما هو منه فبطل.

  فإن قيل: إنما قصرنا النسخ على ما يكون ثابتاً بالنص، أو بقول الله سبحانه وتعالى، أو قول رسوله عليه وآله السلام، أو فعله؛ لأن ما عدا ذلك لا يجوز نسخه، ولا النسخ به، فإن القياس والإجماع لا يجوز نسخهما ولا النسخ بهما.

  قلنا: إن كلامنا ليس في حد النسخ الحسن أو الجائز، وإنما هو في حد النسخ على الإطلاق وليس كل ما كان شرطاً في جواز الشيء أو حسنه يجب أن يذكر في حده، وإنما يذكر في الحد ما به يتميز المحدود عن غيره؛ لأن الغرض بالحد هو الكشف والإبانة عن معنى المحدود فقط من غير زيادة ولا نقصان.

  ولأن الكلام في النسخ بالإجماع والقياس هل يجوز أم لا؟ هو فرع على كون ذلك نسخاً؛ لأن ذلك لو لم يكن داخلاً تحت حد النسخ وحقيقته لم يصح وصفه بأنه ناسخ فضلاً عن أن يقال إنه هل يجوز أم لا يجوز؟

  يبين ذلك ويوضحه: أن الزيادة على النص متى اقتضت زوال حكم شرعي وكانت الزيادة ثابتة بالقياس؛ فإن الشيخ أبا الحسين يمنع من جوازها ويعدل المنع من ذلك بأنها تكون نسخاً والنسخ بالقياس لا يجوز، ومتى كان النسخ عنده مقصوراً على ما يثبت بقول الله سبحانه أو قول رسوله ÷ أو فعله لم تكن هذه الزيادة