مسألة: [الكلام في النبي هل طاف وسعى وذكى قبل البعثة أم لا؟]
  وكذلك الصحابة تابعون للنبي ÷ وآخذون عنه، فلم تنسب شريعته إليهم لهذه العلة، ولأن حال الأنبياء $ عند ربهم كما نعلمه من حال أحدنا مع عبيده، فكما أن أحدنا لو ملك مملوكاً وأمره بأمر مخصوص، ثم ملك مملوكاً آخر وأمره ببعض ما أمر به الأول وزيادة، ثم كذلك ثالث ورابع إلى ما فوق ذلك من الممكن، لم يحسن منا أن نقول إن الآخر تابع للأول على الإطلاق ولا مؤتمر بأمره، بل نقول إن الجميع مؤتمر بأمر السيد.
  وأما ما ذكره ¦ من أن الصحابة كان يلزمهم الرجوع إلى التوراة وغيرها لو تعبدوا ببعض ما فيها فهو غير لازم؛ لأنا نقول إنهم لم يتعبدوا مما فيها إلا بما شهد به الكتاب والرسول عليه وآله السلام، وما لم يشهدا به قطعنا أنه لم يرد به التعبد كما أن الرسول لم يتعبد من شرائع من تقدمه إلا بما نزل به الوحي، ولأنهم أيضاً لا يرجعون إليها ولا إلى أهلها لهذه الحال، ولأن النبي ÷ قد أخبرهم وهم لا يشكون في صدقه بأن الله تعالى قد أكمل لهم دينهم بما أنزل الله إليه من كتاب وسنة، فكان ذلك صارفاً لهم عن الرجوع إلى من ذكر فيما وجدناه عن نبينا صلى الله عليه وآله مما كان في شرائع من قبله وفي غيرها لزمنا نسخه، فهذا هو الكلام في هذه المسألة.
مسألة: [الكلام في النبي هل طاف وسعى وذكى قبل البعثة أم لا؟]
  توقف الفقهاء بأسرهم في أمر النبي ÷ هل طاف وسعى وذكى قبل البعثة أم لا؟
  فحكي عن أبي رشيد أنه قطع على أنه # لم يفعل شيئاً من ذلك قبل البعثة.
  وكان شيخنا ¦ يذهب إلى قول أبي رشيد ويرجحه، واختيارنا هو الأول(١).
(١) يعني التوقف في المسألة كما يعلم من الإستدلال.