صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في إثبات أن القياس أحد أدلة الشرع]

صفحة 292 - الجزء 1

  فأما الرأي: فهو اسم لما يتوصل به إلى معرفة الحكم الشرعي من الإستدلاال والقياس والإجتهاد، ولهذا قال معاذ: (أجتهد رأيي)، وقال عمر: (هذا ما رأى عمر) في مثل ما ذكرنا، ومثل هذا عن الصحابة كثير.

مسألة: [الكلام في إثبات أن القياس أحد أدلة الشرع]

  ذهب أكثر العلماء من المتكلمين والفقهاء إلى أن القياس أحد أدلة الشرع التي يجب المصير إليها، وخالف في ذلك نفر ومنعوا من كونه دلالة على الشرعيات، وهم النظام والجعفران⁣(⁣١)، وأهل الظاهر على طبقاتهم والإمامية، ثم اختلفوا فيما لأجله منعوا منه:

  فمنهم من قال: إن الشرع ورد على وجه يمنع من استعمال القياس؛ لأن من حق القياس الجمع بين المتساويين، والفرق بين المختلفين، والشرع ورد بالتفرقة بين المتساويين، والجمع بين المختلفين، كما أنا نعلم أن الحيض يمنع من الصلاة والصوم على سواء، ثم ورد الشرع بوجوب قضاء الصوم دون الصلاة، وكذلك الأمة الحسناء تساوي الحرة الحسناء، فورد الشرع بالمخالفة بينهما، فكان ما هو عورة من الحرة غير عورة من الأمة، بل قد ورد الشرع بما هو أبلغ من ذلك، وهو إباحة النظر إلى الأمة الحسناء، وحظره إلى الحرة الشوهاء إلى غير ذلك مما يجانسه.

  وذكر لنا شيخنا ¦ هذا الإحتجاج من نفاة القياس في المذاكرة، وهو المحكي عن أبي إسحاق النظام.

  ومنهم من قال: لو جاز التعبد بالقياس في بعض الشرعيات لجاز في جميعها كما نعلمه من دلالة العقل؛ فإنها لما كانت دلالة في بعض العقليات كانت دلالة في جميعها، وهذا المقالة تُحكى عن البهراني⁣(⁣٢) منهم.


(١) الجعفران هما: جعفر بن حرب الهمداني المعتزلي المتوفى سنة (٢٣٧ هـ)، وجعفر بن مبشر بن أحمد الثقفي، المتوفى سنة (٢٢٤ هـ)، من المعتزلة البغدادية من الطبقة السابعة، كانا يميلان إلى التشيع، وكان يضرب بهما المثل في العلم والعمل والزهد والورع.

(٢) هكذا في النسخة والذي يحكى له خلاف في التعبد بالقياس هو النهرواني - انظر المنهاج والفصول =