صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في الخبر الوارد بخلاف قياس الأصول هل يقاس عليه أم لا؟]

صفحة 326 - الجزء 1

  معلوم ثم لم يتفق على تعليله ولم يرد نص على علته، ولا تنبيه نص⁣(⁣١)، لم يحصل الظن بصحته ولا يجوز العمل على ما لا تظن صحته.

  وكان شيخنا ¦ يجيز القياس عليه ويوجب الرجوع إلى الترجيح، ولا شك في سقوط قياس الخبر الوارد بخلاف قياس الأصول إذا رجح بينه وبين قياس الأصول؛ لأن لتقريرها تأثيراً في قوة الظن لصحتها إن لم يحصل العلم بصحتها، وكذلك لكثرتها وتظاهرها وإجماع الأكثر من العلماء، بل أهل الحق من العلماء على وجوب القياس عليها ثم تستقرى الأخبار الواردة بخلاف قياس الأصول فما وجد فيه الشرط الذي شرطنا جاز القياس عليه؛ لأنه جارٍ مجرى الأصول، وما لم يوجد فيه لم يجز القياس عليه، فما يصح القياس عليه لما قدمنا خبر الهر؛ لأن التنبيه على علته قد ورد.

  ومما لا يصح القياس عليه خبر من أكل ناسياً في شهر رمضان؛ لأنه وإن ورد بلفظ التعليل فليس بتعليل على الحقيقة؛ لأن قوله ÷: «فإن الله أطعمك وسقاك⁣(⁣٢)» لا يصح كونه تعليلاً لأن المريض المباح له الأكل، وكذلك الحائض يجب عليهما القضاء مع وجود هذه العلة؛ لأن الله أطعمهما وسقاهما ولم يسقط عنهما القضاء، وكذلك خبر الأفواه لا يجوز أن يقاس عليه سائر المجوفات كحرافيف الأذن وما شاكل ذلك، وكذلك خبر نبيذ التمر والقهقهة وسائر الأخبار الجارية هذا المجرى.


(١) في النسخة: ولا تنبيه ولا نص، وليس بمستقيم مع ما تقدم ولعلها ما أُثبت، والله أعلم.

(٢) أخرجه بألفاظ متقاربة في: سنن البيهقي الكبرى (٤/ ٢٢٩) رقم (٧٨٦٢)، وسنن الترمذي (٤/ ٣٨٤) رقم (٢٠٤٠)، والدارقطني (٢/ ١٧٩) رقم (٣٤)، ورواه الإمام الأعظم زيد بن علي في المجموع (١٢٠) بلفظ مقارب وهو بإسناده إلى علي # قال: «من أكل ناسياً لم ينتقض صيامه فإنما ذلك رزق رزقه الله ø إياه».