صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ترجيح العلة بما يرجع إلى حكمها في الفرع]

صفحة 352 - الجزء 1

  وكان شيخنا ¦ يذهب إلى أنه قد يكون الحكمان شرعيين وإن كان أحدهما نفياً والآخر إثباتاً له كإثبات العتاق ونفيه، وهذا وجه مستقيم في العتاق الطارئ على الرق الشرعي؛ لأن الرق الشرعي ثابت بالشرع فما نقل عنه فهو شرعي؛ فأما نفي الرق أولاً فهو عقلي لا محالة فالمثبت للرق في تلك الحال أولى؛ لأنه ناقل.

[ترجيح العلة بما يرجع إلى حكمها في الفرع]

  وأما المتعلق بحكم العلّة في الفرع فضروب:

  منها: أن يكون أحد الحكمين حظراً والآخر إباحة؛ فمتى كان الحظر شرعياً كان أولى من الإباحة، فكانت علته أقوى لأن الحكم الشرعي أقوى من حيث هو ناقل، ولأن الأخذ بالحظر أحوط كما تقدم بيانه في ترجيح الأخبار وإن كان الحظر عقلياً والإباحة شرعية، فكل واحد منهما فيه وجه ترجيح فالواجب الرجوع إلى ترجيح آخر، هذا الذي ذكره شيخنا ¦ في كتابه.

  وعقلنا عنه في المذاكرة أن الإباحة متى كانت شرعية فهي أولى من الحظر العقلي لكونها ناقلة، وكونه أحوط إنما هو وجه ترجيح متى كان مساوياً للإباحة في الثبوت بأن يكونا معاً شرعيين.

  فأما متى كانت شرعية دونه فإنها تكون أقوى ثبوتاً منه؛ لأن ثبوته مشروط بأن لا ينقل عنه شرع والحكم الشرعي ثابت لا بشرط، فلذلك كانت أقوى، وهذا عندنا هو الصحيح لما ذكر من تعليله ¦ وإن كان الحظر والإباحة شرعيين على قول من كثر كونهما شرعيين معاً فالحظر أولى؛ لأنه أحوط لأنه قد شارك الإباحة في الثبوت لكونه شرعياً، واختص بوجه قوة وهو أنه أحوط.

  فأما عند الشيخ أبي الحسين البصري فإن هذا القسم الأخير مستحيل لأنهما لا يجوز كونهما شرعيين عنده؛ بل لا بد من كون أحدهما عقلياً والآخر شرعياً، والصحيح عند شيخنا ما قدمنا روايته عنه من أن ذلك لا يجوز.