صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في جواز العمل بالإجتهاد في عصر النبي ÷، وتفصيل ذلك]

صفحة 304 - الجزء 1

  بمثله في سائر الأمور، وليس يمنع من ذلك إلا قول من يقول إنه لا يجوز أن يقتصر سبحانه بالمكلف على أدنى البيانين مع القدرة على أعلاهما، فيقول: إن النبي ÷ متمكن من ورود الحكم عليه بحكم الحادثة فلا يحتاج إلى القياس.

  قلنا: إنه لا يمتنع تعلق المصلحة بتعبده بالقياس دون النص كما تعلقت المصلحة بتعبده بذلك في آراء الحروب وأمور الدنيا فلا يكون للمنع من ذلك وجه يصرف إليه، فثبت جواز ورود تعبده بذلك، وسيأتي الكلام في أنه هل تعبد أم لا؟ فيما بعد إن شاء الله تعالى.

مسألة: [الكلام في جواز العمل بالإجتهاد في عصر النبي ÷، وتفصيل ذلك]

  اختلف أهل العلم هل كان يجوز العمل بالإجتهاد في عصر النبي ÷ أم لا؟ وهل الغائب والحاضر في ذلك سواء أم لا؟

  فحكى شيخنا ¦ عن قاضي القضاة أنه ذكر في الشرح أن أكثر القائلين بالقياس والإجتهاد أجازوا تعبد من غاب عن النبي ÷ بالقياس والإجتهاد في عصره، والأقلون منعوا منه.

  وحكى أن أبا علي قال في كتاب الإجتهاد: لا أدري هل كان يجوز لمن غاب عن النبي ÷ في عصره أن يجتهد أم لا؟ قال: لأن خبر معاذ من خبر الآحاد.

  وكان شيخنا ¦ يذهب إلى أن لهم أن يجتهدوا إذا ضاق زمان الحادثة عن استفتاء النبي ÷ ولا يمكنهم سوى ذلك، ولأنه لا فرق في العقول بينهم وبين من لا يعاصر النبي ÷ وأحسب أنا قلنا له: فما تقول في المجتهد إذا سئل عن الحادثة بقرب المدينة.

  قال: كان فرضه النظر فيها والإجتهاد.

  قلنا: فإن كان في جانب المدينة.