[أقسام الحقائق]
  وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا}[يوسف: ٨٢]، فدلالة العقل وقرينة العرف تقضي بأن المراد أهل القرية وأهل العير.
  وكذلك قوله سبحانه: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}[الإسراء: ٢٤]، وهو لا يريد ما تقدم من الجناح في أصل اللغة، وإنما استعار ذلك سبحانه، والمراد: تواضع لهما وكن كالطائر الخافض لجناحه تحنناً على فراخه، ولا تكن كالطائر المحلق عنهما تباعداً منهما، وتمرداً عليهما، والله أعلم، وهذا لا يعلم من ظاهر اللفظ، وإنما يعلم بالأدلة والقرائن، وأمثال ذلك كثير.
[أقسام الحقائق]
  والحقائق تنقسم إلى: مفردة ومشتركة.
  فالمفردة: ما أفادت معنىً واحداً كقوله سبحانه: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}[غافر: ٦٥]، فإنا نعلم بقوله الحي أنه على صفة يخالف صفة الميت والجماد دون ما عداها، وبقوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} أنه سبحانه على صفة لا يستحق العبادة لكونه عليها سواه.
  والمشتركة: مثل قوله سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص: ١]، فإنه يفهم من هذا اللفظ أنه سبحانه فرد، وأنه لا يقبل الإنقسام، وأنه لا مثل له في ذاته وصفاته، وأنه منفرد بأنواع الكمال دون غيره في قوله وأفعاله، فلفظة (واحد) تتناول ما ذكرنا حقيقة بدلالة أنه سبق إلى فهم السامع عند إطلاق هذه اللفظة مجردة عن القرائن هذه المعاني على سواء.
  والحقائق أيضاً تنقسم إلى ثلاثة أقسام: لغوية وعرفية وشرعية؛
  فاللغوية: هي كل لفظة أفادت ما وضعت له في أصل اللغة كقولنا للسبع المخصوص: أسد، وللبهيمة المخصوص: حمار.