سرية مؤتة
  بلغهم كثرتهم فقال بعضهم: نكتب إلى رسول الله ÷ بالخبر فإما يأمرنا بأمره أو يمدنا فقال عبد الله بن رواحة: إن التي خرجتم لها إياها تطلبون وهي الشهادة وما نقاتل الناس لا بعدد ولا كثرة ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا به الله، فإن فزنا فذاك وإلا فالشهادة وهي أفضل الحسنيين فشجعهم وتكامل جيش الروم إلى ما يزيد على مائة ألف لأنه انضم إليه قبائل العرب المتنصرة، فتقدم جعفر وهو يقول:
  يا حبَّذا الجنةُ واقترابُها
  طيبةً وبارداً شرابُها
  والروم روم قد دنا عذابُها
  فقاتل الأمراء الثلاثة على أرجلهم فقطعت يد جعفر فأخذ الراية بالأخرى فقطعت فاحتضنها حتى قُتل ووجد فيه بضع وسبعون جرحاً ما بين طعنة برمح وضربة بسيف ثم أخذ الراية زيد بن حارثة إلى أن قتل ثم أخذها عبد الله بن رواحة حتى قيل ثم أخذها ثابت بن أقرم العجلاني ثم سلمها إلى خالد بن الوليد فقاتل المسلمون قتالا شديداً لم يسبق له مثيل ولم يعلم عدد قتلاهم، وقتل من المسلمين اثنا عشر قتيلا فقط مع أن عدد العدو أكثر من مائة ألف وهذه من الغرائب والنصر المبين، وقبر الثلاثة الأمراء في قبر واحد(١) بمؤتة وقبرهم مشهور مزور
(١) لقد زرتهم ووجدتهم بثلاثة قبور على كل واحدٍ منهم قبة فرحمهم اللة.