مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

قضية الصحيفة

صفحة 32 - الجزء 1

قضية الصحيفة

  لما بلغ بالمشركين شدة الحنق وظهرت لهم قوة النبي بإسلام حمزة بن عبد المطلب وباسلام ثلاثين رجلًا بعده وجعل الإسلام ينتشر في جزيرة العرب، اجتمعوا وتشاوروا وأئتمروا على أن يفعلوا ويكتبوا كتاباً يتعاقدون فيه بغياً وعدواناً على محمد وعلى بني هاشم وأن يتعاقدوا فيه على بني هاشم أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يخالطوهم ولا يقبلوا منهم صلحاً أبداً ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموا لهم رسول الله ليقتلوه وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها داخل الكعبة وذلك سنة سبع من النبوة، وكان الذي كتب الصحيفة بغيض بن عامر بن هاشم فدعا عليه رسول الله فشلت يده فمن قريش من استاء من الصحيفة ومنهم من سرته فأقاموا في الشعب نحو ثلاث سنين وقيل: سنتين إلا أنهم أنفقوا أموالهم في حال الحصار وكان يمن الله عليهم من يسرب إليهم الطعام فلما بلغ بهم الجهد⁣(⁣١) ما بلغ سلط الله الأرضة على الصحيفة فأكلت كل الكلام الباطل وتركت ما فيه ذكر الله فأخبر النبي أبا طالب فخرج إلى قريش وقال: أخبرني ابن أخي أن الله قد سلط على صحيفتكم الأرضة فانظروا إليها فإن كان حقاً ما يقول نزعتم عن سوء رأيكم، وإن كان كاذباً دفعته إليكم لتقتلوه، فقالوا: أنصفنا فنظروا إلى الورقة فإذا هي كما قال رسول الله ÷ فسُقط في أيديهم⁣(⁣٢) ونكسوا على


(١) بالفتح الا المشقة والتعب. تمت.

(٢) كناية عن ندمهم. تمت.