مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

سفره إلى الطائف

صفحة 38 - الجزء 1

  نصراني من أهل نينوى، فقال له النبي: «قرية الرجل الصالح يونس بن متى». فقال: وما يدريك ما يونس بن متى؟ قال: «هو نبي وأنا نبي». فاكب عَداس يقبل رأس رسول الله ويقبل يديه ورجليه وقيل: إنه أسلم، فقيل له: صبات، فقال: والله ما في الأرض خير من هذا الرجل، ثم عاد رسول الله ÷ إلى مكة بعد أن راسل من يجيره فأجاره مطعم⁣(⁣١) بن عدي وبنوه وأخذوا السلاح ونزلوا المسجد، فرآهم أبو جهل فقال: أمجير أم متابع، فقال: مجير، فقال: قد أجرنا من أجرت. لكنه لا زال في أذية عظيمة {كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ}⁣[الشورى: ١٣] وكل ما نزل من الأذى تلقاه بالصبر وقوة العزيمة قال بعضهم: أهون ما لقي هو أن سفيها وضع على رأسه التراب. فدخل على فاطمة فجعلت تنفض التراب عن رأسه وتغسله وهي تبكي، وليس أوجع في نفوسنا من أن نسمع بكاء أبنائنا وبناتنا وكل أنة تثير في الأحشاء والكبد آنات، وقد كان محمد أبر إنسان ببناته وأحنى عليهن فما تراه يصنع لبكاء هذه البنت التي كان يحبها حباً شديداً وكانت منذ قريب فارقت أمها لكنه لم يزده ذلك إلا توجها إلى الله وقال: «يا بنية لا تبكي فإن الله مانع أباك وناصره»، صلوات الله وسلامه عليه {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}⁣[الأنعام: ١٢٤].


(١) وهو مطعم بن عدي بن نوفل بن عبدالمناف بن قصي بن كلاب أحد سادة قريش وأشرافها. تمت.