بيعة العقبة الثانية
  الصلاة والذكر وأبو بكر يزداد خوفاً وفرقاً فيلتصق بمحمد ويلصق به نفسه وقال هامساً لرسول الله: لو نظر أحدهم تحت قدمه لرآنا فقال ÷: «لا تحزن إن الله معنا وما ظنك باثنين الله ثالثهما»، وزاد الباحثين إقناعاً أنه ليس في الغار أحد أن شجرة حول الغار تدلت غصونها على باب الغار فالعنكبوت والحمامتان والشجرة ثلاث معجزات لرسول الله وحصول هذه كانت في وقت قصير نسج العنكبوت والحمامات والشجرة كلها وجدت لأنهما دخلا في الغار ولم يكن شيء مما ذكر فهذه معجزات عظيمة. تأمل نصر الله لنبيه.
  ولما مضت الثلاثة الأيام وسكنت الأبحاث والبواعث استأجرا بعيرين هما ومعهما خِريْت(١) ليعرفهما الطريق التي يسلُكُها وهو عبد الله بن أُريقط فأخذ بهما طريقاً غير التي يسلكها الناس تعميه وذلك إلى طريق الساحل ولكن قريشاً لم يسكن لها بال فهم يعتبرون أن محمداً أشد الأعداء لهم فبذلوا لمن جاء به مائة بعير، هذه مادة تستهوي القلوب وتغري النفوس لكسب هذه المادة ولا يزالون يسالون فعسي بمن يأتي لهم بخبر وإذا رجل يخبر أنه رأي ركب ثلاثة مروا عليه لم يعرفهم نزلوا إلى الساحل كان سراقة بن مالك حاضراً فهو ينتهز الفرصة ويقول: ما هم غير محمد ورفقته ولكن توجه إلى بيته وامتطى فرسه وأخذ سلاحه وخرج إلى الناحية التي ذكر الرجل وتبعهم وإذا هم قيد بصره قد رآهم فكبا به فرسه أول مرة ثم ثانية إلى أن كاد أن يدركهم فساخت قوائم فرسه في أرض صلبة فعرف أنه هالك ولا يفوز بشيء فقال: الأمان خلصني يا محمد ولك عهد الله أن أرد عليك الطلب، فخلصه النبي ثم عرض
(١) الدليل الحاذق. تمت قاموس.