القاضي جعفر والمطرفية:
القاضي جعفر والمطرفية:
  لا بد لنا ههنا من وقفة نخصصها للكلام عن القاضي جعفر والمطرفية؛ الأهميتها في حياة القاضي؛ حيث إنها شغلت جانباً كبيراً من توجهه الفكري، واستغرقت من حياته قدراً كبيراً قضاه في التدريس لما يؤمن به ويعتقده، وفي المناظرة والمحاورة معهم، وفي تأليف كتب خاصة ببيان مخالفاتهم وعقائدهم بعد أن كان في أول عمره منهم، ولما في ذلك من أهمية في الكلام عن عقائد المطرفية التي لم تكن وليدة عصر القاضي جعفر، لكنها بلغت الأوج في عصره والذروة في عصر الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة. مع التنبيه إلى أنني هنا ناقلٌ ولست بحاكم، وليس المقام مقام محاكمة ولا تقيم آراء وأقوال.
  التقي القاضي جعفر بالإمام أحمد بن سليمان #، وكان ذلك بعد عودته من رحلته إلى العراق، وكان اللقاء بينهما في (ذَمَار) وقت مخرج الإمام إلى (زبيد)(١)، قال الثقفي فيما رواه عن لقائهما مبتدئاً بكلام يتضمن حوادث حصلت بعد اللقاء: «وقد كان وصل إلى الإمام # وهو ب (بيت الجالد) الشريف الأجل محمد بن عبد الله العفيف وجماعة من الشرفاء بني أبي الحسين العلوين [كذا] وأهل (سناع)، فسلموا عليه وأعلموه بحوادث حدثت عليهم وعلى القاضي الأجل جعفر بن أحمد بن أبي يحيى من المطرفية ب (وقش) وغيرها، وذلك أن القاضي الأجل لما وصل من العراق وأتي إلى الإمام # وهو ب (ذمار) وقت مخرجه إلى (زبيد)، فاعتذر إليه في [كذا، من] أمور كانت منه مع المطرفية فيما سلف ولما وصل العراق تبين له أنه على غير شيء، فعذره الإمام وجعله في حِلٍّ، وقال له: هل علمت - يا قاضي - أحداً من قابلته بالعراق يقول بشيء مما تقوله المطرفية أو تعتقده أو تعمل به، أو وجدت في
(١) ذكر أبن مظفر في الترجمان - مخطوط: (٩٣ ب) أن ذلك كان سنة (٥٥٣ هـ)، ويبدو أن هذا غير صحيح؛ لأن عودة القاضي جعفر إلى اليمن من رحلته كانت سنة (٥٥٤ هـ) كما هو مكتوب على شاهد قبره، والثقفي ص (٢٤٢) ذكر أن توجه الإمام إلى (زبيد) كان في صفر سنة (٥٥٤ هـ) وذكر ص (٣٤٦) أنه وصل ذمار في شعبان.