[في قولهم: في الإمامة إنها فعل الإمام]
  الأعمال بكمالها والتكاليف العقلية والسمعية من أول أحوال بلوغه، ولم يكن منه تقصير في واجب عقلي ولا سمعي، فكان يجب أن يكون نبياًّ، بل كان يجب أن يكون أحق بالنبوة؛ لأنه أضاف إلى التكليف العقلي التكليف السمعي من أول حالة من زمان تكليفه، والنبي ÷ لم يعمل بشيء من السمعيات إلا بعد كمال أربعين سنة وبعد مجيئه بالرسالة.
  ولا يجوز أن يقال: إن أمير المؤمنين # قصر فيما لزمه في ذلك. لأن ذلك يقدح في حاله ويوجب أن لا يكون طاهر المنشأ ويخرجه عن دائرة الإمامة على أصل المطرفية، وكل ذلك باطل ومعلوم خلافه.
  وإن قالوا: النبوة هي آخر درجة من درجات إيمانه أو آخر طاعة من طاعاته. لَزِمَهم ما ألزمناهم أوَّلاً من أن لا يكون نبياًّ إلا بعد انقطاع تكليفه وزوال حباته؛ لأن ذلك الوقت آخر طاعاته ودرجات إيمانه، وأنه ما يزال يترقى في درجات الإيمان ومنازل العدل والإحسان إلى تلك الحال.
  فبطل بهذه الجملة أن تكون النبوة فعلا من أفعاله، وثبت أنها فعل الله سبحانه، وأنها الرسالة لا فرق بينهما؛ ولهذا لا فرق بين قول القائل: «هذا نبي الله» وبين قوله: «هذا رسول الله»، ويسبق إلى فهم السامعين من أحد هذين الاسمين ما يسبق إلى فهمه من الآخر؛ ولهذا وصفه بأنه نبي الله، ولو كانت النبوة فعلا له لما صح ذلك كما لا يصح فيمن قتل نفسه: «إنه قتيل الله»، وكذلك فيمن أَسَرَ نفسه أو أطلقها لا يوصف بأنه أسير الله ولا طليق الله، ومعلوم صحة وصفة بأنه نبي الله، فثبت أنها فِعْلُهُ ø، وهذا بيِّنٌ لِمَن تأمله.
[في قولهم: في الإمامة إنها فعل الإمام]
  وعلى هذا النحو يجري الكلام في الإمامة إذا قالوا: إنها فعل الإمام.
  ثم يقال لهم: إذا كانت الإمامة فِعْلَ الإمام أو جَزَاءً على فعله، فكيف