الأصول الثمانية،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[خطر التقليد]

صفحة 51 - الجزء 1

  حَلِيمًا غَفُورًا ٤١}⁣[فاطر: ٤١] وقال سبحانه: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ}⁣[لقمان: ١٠] فعلمنا أنها على غير شيء، ثم قال: {وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ}⁣[فاطر: ٤١].

  فعلمنا أنا ليس بشيء يمنع أن لو ترك إمساكهما فدلنا على قدرته وسعة ملكه، فسبحانه وتعالى وله الحمد على ما أولى، فأنزل الله الملائكة $ السماء مصلحة لهم، وأنزل الإنس الأرض عبيداً مأمورين مكلفين منهيين، كل واحد نزل فيما علم الله سبحانه أنه أصلح له لأنه الخبير البصير بعباده، وبمصلحة خلقه، خلق الجميع ليعرضهم للمحل الرفيع، فمن أطاع سلم، ومن عصى ندم، فأفضلهم أكثرهم علماً وعملاً، لقول الله سبحانه في الملائكة {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ٦}⁣[التحريم: ٦] وقول سبحانه: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ٢٠}⁣[الأنبياء: ٢٠] ومن لم يفتر من الطاعة كان أعظم في المنزلة، ومن لم يعص الله كان أعلى درجة، فهو أفضل خلق الله، ولذلك خصهم لرسالته من الإنس والجن وأكرمهم بذكره، فقال: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ}⁣[النساء: ١٧٢].