الأصول الثمانية،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب معرفة الأنبياء $ وهو الأصل الخامس

صفحة 54 - الجزء 1

  وهذا ما قدمنا، والحمد لله.

  ولجهله قالت النصارى إن لله ولداً، وأن الثلاثة واحد، وأن الواحد ثلاثة، وكذلك كل مشبهٍ جاهل، فلا الله عرفوا ولا النبي عرفوا، ومثال هذا من قال إن الرطب عنب؛ فلا العنب عرف ولا الرطب عرف، فافهم هذا.

  ويجب أن لا يُعتبر باختلاف المعجزات في الأوصاف، ولكن يعتبر مشاركتها فيما كانت له معجزاً، ألا ترى أنا لا نعتبر خلاف الأنبياء في الصفة والبلدان والألوان متى اشتركوا في المعنى، كبني آدم، وإن اختلفوا فهم آدميون، وكولد أبٍ، وإن تفرقوا فالأب يجمعهم، والميراث لهم، وكالحنطة والشعير والعنب والخيل والحمير والإبل وكل حي وجماد، لأن جميع ما خلق الله حيوان وجماد.

  والحيوان ينقسم إلى قسمين مكلف وغير مكلف، فالمكلف الملائكة والجن والإنس، وما ليس بمكلف فجميع البهائم والطير خلقها الله للعالمين نعمة عليهم، ليعتبروا وينتفعوا بها، والجماد قسمين نامي وهو الخضار كله، وغير نامي مثل الأرض والحجر والمدر والماء وما لا نمو فيه هو على حال واحدة، وجميع الجماد والحيوان خلق للمكلفين كما قال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ