الأصول الثمانية،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب معرفة الأنبياء $ وهو الأصل الخامس

صفحة 55 - الجزء 1

  فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ١٣}⁣[الجاثية: ١٣].

  واختلاف هذه الحوادث كلها تدل على صنعة صانعها أنه حكيم، إذ جعلها أضداداً وأمثالاً، فعلم بذلك أن الضد والمثل لا يجوز عليه، وكذلك جعل فيها الزيادة والنقصان والحاجة ولم يجز عليه ما جاز عليها مع اختلاف أوصافها كلها في أنها محدثة زائدة ناقصة، وما اشترك في الحياة فحي وإن اختلف وصفه، وما اشترك في نوع من الأنواع فهو مثله، ولذلك قلنا إن اختلاف المعجزات في صفاتها لا يمنع من اشتراكها في أنها مخترعة لم تجر بمثلها العادة ليتحدى بها من أظهرها الله على يديه.

  فمن استوت فيه على ما ذكرنا كان الدلالة على صحة ما قلنا وبطل اعتراض من عارض، ألا ترى أن المعجزات التي ظهرت على يدي موسى # مختلفة أوصافها، وذلك حجتنا على اليهود لعنهم الله تعالى بأن نقول لهم: ما الدلالة على نبوة موسى #، فإن قالوا إجماعكم معنا على أنه نبي، قلنا لهم: لم نجتمع معكم على أن موسى كذب محمداً @، ومنعكم من اتباعه، وقال لكم: لا تؤمنوا بنبي بعدي، فمن قال لكم هذا فليس بنبي، ونحن إنما آمنا بنبي ذكر الله تعالى اسمه موسى بشر بعيسى ومحمد @، وأمر أمته