باب معرفة الأنبياء $ وهو الأصل الخامس
  بإتباعهما، فقد بطل ما ادعيتم بالاحتجاج على ما ذكرتم من الإجماع لما قلنا، فتحتاجون إلى دلالة تدل على أن موسى نبيكم صادق، فلا تجدون بداً من أن تقولوا يدل على صدقه المعجزات التسع، قلنا وما هن؟ قالوا: ما أظهر الله على يده من العصا، واليد البيضاء، وانفلاق البحر، وانحباس الحجر، وغير ذلك من المعجزات التسع، فيقال لهم: وما في ذلك من الدلالة؟ فيقولون: جاء إلى السحرة وهم الرؤساء والكبراء والدولة لهم وكانوا يفتخرون بالسحر ويترأسون به، فتحداهم إلى الإيمان بمثل ما شاكل فعلهم، وطلب الترؤس، فثبتت حجته على الناس، فمن أطاعه في وقته سلم وغنم، ومن خالفه هلك وندم.
  (قيل لهم): هذا مع اختلاف أوصاف معجزاته لم يعتبر بذلك، لأنها مشتركة في أنها مخترعة خارجة عن العادة متحدى بها، فإن قالوا: نعم، قيل لهم: فما أنكرتم على عيسى ومحمد @، وقد جاء عيسى إلى أهل زمانه، وكانوا يترأسون بالطب والفلسفة، فجاءهم بما يشاكل فعلهم، فتحداهم فعجزوا، كإحياء الموتى بإذنه تعالى، وإبراء الأكمه والأبرص، وغير ذلك، فأجابه المحق وعدل عنه المنافق، وكذلك محمد ÷ أتى العرب وكانوا في زمانهم إلى وقتنا هذا يفتخرون بالشعر والسجع والخطب والرجز والنثر من الكلام، ويترأسون