الأصول الثمانية،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

رحلاته وتنقلاته:

صفحة 15 - الجزء 1

رحلاته وتنقلاته:

  رحل إلى أكثر البلدان لإحياء السنة والعمل بالقرآن، فأقام ببغداد والبصرة، ودخل الأهواز، وخراسان، والشام، ومصر، والمغرب، ولكنه في آخر عمره سكن بادية الحجاز، وفضلها على غيرها لأسباب ندركها من خلال كلامه في كتابه (الوصية والهجرة) حيث قال ناصحاً أولاده: (فليس النجاة لكم ولمن معكم إلا بالهرب منهم في البوادي والأودية والجبال، والتحبب إلى خالقكم بهجرتهم والبعد عنهم، فإن في مساكنتهم والاختلاط بهم فساد القلوب، والخبال الأكبر، لما هم عليه وفيه من فعل كل فجور وفسق وشر، إلا أقل القليل منهم، فالهرب الهرب، والبعد البعد عنهم، فإن المدن والقرى موضع اللؤم والشر والبلايا بما تجمع وتضم من شرار الناس والأوغاد، وما ينضم فيها ويأوي إليها من أخلاط الأجناس)⁣(⁣١).

  وذكر كلاماً يطول ذكره، يلتمس من موضعه، وقد ذكرنا مميزات البادية آنفاً، ومن المعروف أن الأهم في نظر أهل البيت $ هو الوقوف عند الأوامر الإلهية، وتنفيذها وإقامتها، فإن وجدوا مكانها المدن سكنوها، وإن وجدوا مكانها البادية سكنوها، المهم


(١) الهجرة والوصية: ٤٤ - ٤٥.