كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة السادسة أن الله تعالى قديم

صفحة 121 - الجزء 1

  العقل، وممّا لم تجر عليه شريعةٌ إذ لم يُعرف ذلك في زمان النبيء ÷، ولا زمن الخلفاء، وكل قول مبتدع لا دليل عليه من عقل ولا سمع فهو باطل. وأيضاً: لا محيص لكم من القول بأنها معدومةٌ أو موجودةٌ، إن قلتم معدومة فذلك باطل إذ العدم لا تأثير له، وإن قلتم موجودة قلنا: أقديمة أم محدثة؟ إن قلتم قديمة فهو باطل إذ لا قديم إلّا الله تعالى، وإن قلتم محدثة لزمكم أن تكون صفات الباري تعالى محدثة إذ هي المؤثرة فيها بزعمكم وأنتم لا تقولون بشيءٍ من هذه اللوازم وحاشاكم فيلزمكم العقول بتلاشيها، وإن قلتم لا نَصِفُهَا بوجودٍ، ولا عدمٍ، ولا حدوثٍ، ولا قِدَمٍ، قلنا: هذا هو المحال لأنّ المعلوم عند العقلاء أن كل مذكور فلا بُدّ من اتِّصافه بما ذكر وإلّا عَدُّوا ومن نفى ذلك خارجاً من قوانين العقلاء، ويكفيك في بطلان قولٍ أن يُؤدّيَ إلى ذلك. وأمّا دعوى كل من يدّعي أنّ القاسم، والهادي @، وغيرهما من الأئمة يقولون بها فهو مردودٌ بما حكيناهُ من أقوالهم بلفظها وهي صريحة في أنّ الصفات هي الذّاتُ، وذلك ينافي القول بالصفة الأخص إذ بعض من يجعلها أُموراً زائدةً ينفي الصّفة الأخصَّ كما عرفت فضلاً عن من قال: هي الذاتُ وذلك واضح لكل من لم يُعْمِ التّعصُّبُ عين بصيرته. وأمّا ما ذكره القاسم # فهو يعني بتلك الصفة: كونه شيئاً لا كالأشياء المرادة بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١] يدلُّ على ذلك أول كلامه وآخره، لأنه قال في كتاب الدليل الكبير: (وهذا الباب من خلافه سبحانه لأجزاء الأشياءِ كلها فيما يُدرك من فروع الأشياءِ جميعاً وأُصولها ممّا لا