المسألة السابعة أن الله تعالى لا يشبه الأشياء
  جهة الشُّغل فذلك مختصٌّ بالعرض، وكذا العدم والبطلان ممّا يجري في الأجسام إلّا أن يُقال إنّ الْفَنَاءَ تبدُّدٌ وتفريقٌ - لا إعدامٌ محضٌ - كان العدمُ مختصّاً بالْعَرَضِ، لكنّه خلاف مذهب أئمتنا $، والجمهور: أَنّ الله تعالى يُفني العالَمَ ويُعدمُهُ، كذهابِ المصباحِ، والسّحاب، فتخصيصُ المؤلّف لبعض الأوصاف بالجسم وبعضها بالعرض لا يخلو من تسامح. نعم: قد يُقال إنّما لم يَجُز عليه تعالى الفناءُ لأنّ الفناءَ لا يكون إلّا بقدرة قادرٍ ولا تأثير لغير القادر كما مرّ، والله تعالى ليس من جنس المقدورات فلا تعلّق به القدرةُ. وقال بعضُ الْعِلِّيّةِ: بل لِأنّ ذاته أوجبت وجوده، والذّات ثابتةٌ في الأزل، وهو لا يتخلّف عنها كما ذلك شأن العلّة، وقالت المُقتضيةُ: بل لِأنّ المقتضيَ أوجب وجوده كما مرّ.
  قلنا: هذا مبنيٌّ على أصلٍ وهو القول بالأُمور الزّائدة المُوجَبَةِ عن الذّات بواسطةٍ أو لا واسطةٍ، وقد تبيّن لك بحمد الله بطلانه. وأمّا الذين قالوا: بأنه تعالى جوهرٌ فقولهم باطلٌ لأنّ ذلك إثبات ما لا طريق إليه، وأيضاً فإنّ الجوهر ليس بحيّ ولا قادرٍ وقد ثبت أنّ تعالى حيٌّ قادرٌ. وقد تعلّق المخالفون بآياتٍ متشابهاتٍ وهي التي فيها ذكر الأعضاء فمن ذلك قوله تعالى: {وَيَبْقْى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} وقوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} وقوله تعالى: {يَدُ اللهِ فَوْقَ أََيْدِيهِمْ} وقوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} وقوله: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}