كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة السابعة أن الله تعالى لا يشبه الأشياء

صفحة 134 - الجزء 1

  وقوله تعالى: {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللهِ} وقوله تعالى: {وَالْسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} إلى غير ذلك وظاهرها يقتضي أنه تعالى جسمٌ.

  الجواب: أنّ الأدلّة العقليّة قد دلّت على أنه تعالى ليس بجسمٍ كما مرّ، وكذلك الآياتُ المحكمةُ نحو قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} وقوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} وغير ذلك ممّا لا يدخله إحتمال. والآياتُ التي احتججتم بها لا تخلو إمّا أن تبقى على ظاهرها وفيه ثبوت مناقضة كلام الحكيم وخلاف صريح العقل وذلك لا يصح من الحكيم تعالى، وإمّا أن تُتأَوَّل وتأويلها فرع إحتمالها للمعاني الحقيقية والمجازية، وما هو كذلك فهو من المتشابه، ولا بُدّ من ردّه إلى المحكم الذي هو أصلُهُ كما نبّه الله سبحانه على ذلك في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} فنقول: تلك الآياتُ واردةٌ على جهة الإستعارة والتّجوُّز فالوجه عَنَى به: الذّات كما يقال: عملتُ هذا لوجه اللهِ أي: لِلَّهِ، ومنه قولهم: هذا وجه الرَّأْي أي: هو الرَّأْيُ، وقوله تعالى: