المسألة الثامنة أن الله تعالى غني
  والجواب: أنّ المراد بقوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} أي: علمه وسلطانه فهو لذلك في حكم الحاضر بل أبلغ، إذ الحاضرُ لا يعلم بَوَاطِنَهُمْ، والباري تعالى يعلمُ الباطنَ والظّاهِرَ، وكذلك قولهم في كل مكانٍ أي: قدرتُهُ، وسلطانُهُ، وعلمُهُ.
  نعم أمّا الكلابية فأثبتوا له تعالى أعضاءَ: يَداً، وعيناً، وجنباً، ونحو ذلك، وقالوا هي صفاتٌ لا جوارح على التخصيص، وهو قريب من مذهب الكرامية حيث قالوا إنه جسمٌ لا كالأجسام، وقد تقدّم إبطاله.
  وأمّا أهل الوقف فهم الذين يقولون نقف على معاني ما جاء في القرآن من المُتشابه الْمُشْعِر ظاهرُهُ بالتّشبيه، فإن قالوا: نقطع أنه ليس بجسمٍ، ولا ندري بعد ذلك ما أراد اللهُ بهذه الألفاظ كما روي عن داود الظّاهري وغيره، فهؤلاءِ غير مجسِّمين، وإن قالوا: لا ندري ما أراد الله بها هل هي الجسمية على ظاهرها أم غيرها فهؤلاءِ حكمُهُم حكم المجسِّمين لأنهم جاهلون باللَّهِ تعالى. (فَثَبَتَ بِذَلِكَ) الذي بيّنَّاهُ من الأدلّة القطعيّة وقطع أقوال المخالفين بالبراهين الواضحة (أنَّ الله تَعَالَى لَا يُشْبِهُ الأَشْيَاءَ) ويجب على المكلّف إعتقاد ذلك له تعالى فيما لم يزل وفيما لا يزال، ولا يجوز خروجه عن هذه الصفة بحالٍ من الأحوال.
«المسألة الثامنة» [أنَّ اللهَ تَعَالَى غَنِيٌّ]
  أنه يجب على المكلَّف أن يعلم: (أنَّ اللهَ تَعَالَى غَنِيٌّ) وهو صفةُ نَفْيٍ إذ معناهُ نفيُ الحاجة. وحقيقة الغنيّ في اللُّغة من استغنَى بما في يده عن مّا في أيدي