كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة التاسعة أن الله لا يرى بالأبصار لا في الدنيا ولا في الآخرة

صفحة 141 - الجزء 1

«المسألة التاسعة» [أنَّ اللهَ لَا يُرى بالأبصارِ لَا في الدُّنْيَا وَلا في الآخِرَةِ]

  أنه يجب على المكلَّف أن يعلم (أنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُرى بالأبصارِ لَا في الدُّنْيَا وَلا في الآخِرَةِ) وهذا هو مذهب العدليّة جميعاً، والنجارية من المجبرة، والخوارج، والمرجئة، وأكثر الفرق الخارجة عن الإسلام. قالوا: لا يصح أن يَرَى نفسه ولا يصح أن يراه غيرُهُ، فعلى هذا كان اللّائق بالعبارة: (وَاللهُ تعالى لا تجوز عليه الرُّؤْيةُ) لشمولها دون الأُولى. واشتهرت المسألة بنفي الرُّؤية وفيها وقع الخلافُ، وإلّا فالمراد أنه لا يجوز أن يُدْرَكَ بشيءٍ من الحواسِّ، والخلافُ في ذلك مع الحشوية، والمجبرة على طبقاتها إلّا النجارية. ثم اختلفوا في ذات بينهم: فمنهم من قال يصح أن يَرَى نفسه ولا يراه غيره حكاه الرَازي عن بعضهم، وقد روي هذا عن أبي القاسم البلخي وهو غير مشهور عنه، ومنهم من قال: يراه غيرُهُ أيضاً وعليه أكثرهم، ثم اختلفوا فقال بعضهم: يراه الكُلُّ من المؤمنين والعُصاةِ؛ وهذا مذهب الحشوية، وبه قال محمد بن اسحاق بن خزيمة، وفرقة تُسمّى السّالميّة. وقالت المجبرة: يراه البعضُ وهم: المؤمنون دون الكفار والمستحقين للعقوبة، وذلك لأنّ الرُّؤية عندهم ثوابٌ والثواب لا يستحقُّه إلّا المؤْمنون، ثم من القائلين بالرؤية من قال يُرى في الدنيا والآخرة وهذا القول للحشويّة قال بعضهم تجوز رؤيته في الدنيا وملامسته ومصافحته، وقال قوم: الناس كلهم يرون اللهَ تعالى إلّا أنّهم لا يعرفونه. وقالت المجبرة لا يجوز أن يُرى إلّا في الآخرة بناءً منهم على أنّ الرُّؤْية ثوابٌ كما مرّ ثم منهم من قال: يُرى في جهةٍ