كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة التاسعة أن الله لا يرى بالأبصار لا في الدنيا ولا في الآخرة

صفحة 147 - الجزء 1

  نفسه. وممّا يدل على ما ذهبنا إليه أيضاً قوله تعالى حكاية عن موسى: {رَبِّ أَرِني أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلكِنِ انظُرْ إِلَى الجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي}⁣[الأعراف: ١٤٣] فإنّه نفى الرُّؤية، والنَّفي بلن يقتضي التّأبيد. وأيضاً: فإنه علّق الرُّؤية بشرطٍ مستحيلٍ وهو استقرارُ الجبل، ومعلومٌ أنّ الجبل قد تَدَكْدَكَ ولم يستقر مكانه، فكأَنّه علّق الرؤية باستقراره وقت تَدَكْدُكِهِ وهو مُحالٌ، وما عُلّق بالمحال كان محالاً. وأمّا سؤالُ موسى # فلم يكن لنفسه فإنه أعلمُ الناس بالله تعالى وبصفاته وإنمّا سألها لقومه لكي يحصل لهم من الأدلّة السّمعيّة ما يعلمون به أنه تعالى لا تصح رؤيته، وإنّما نسبها إلى نفسه ليكون ذلك أبلغ في الدّلالة على أنه تعالى لا يُرَى. وتوبته إنّما كانت عن سؤاله بحضرتهم، ولم يكن للنبيء أن يفعل ذلك قبل الإستئذان.

  ويدل على ما ذهبنا إليه من السُّنة ما رُوي بالإسناد الموثوق به إلى جابر بن عبدالله الأنصاري ¥ قال: قال رسول الله ÷: «إنَّكُمْ لَنْ تَرَوُا اللهَ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الآخِرَةِ» ورُوي عن عائشة أنها سُئِلتْ: هل رأى مُحَمَّدٌ ربَّه؟ فقالت: يا هذا لقد قُفَّ شعري ممّا قلتَ ثلاثاً من زعم أنّ مُحمَّداً رأى ربَّهُ فقد أعظم الفرية على الله ø إلى غير ذلك. احتجّت الأشعريةُ وضرار بقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ