كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة العاشرة أن الله تعالى واحد

صفحة 152 - الجزء 1

  تعالى أنه واحدٌ بمعنى: أنه متفردٌ بصفاتِ الإِلهيّة والكمال (لَا ثَانِيَ لَهُ) يشاركه (فِي الْقِدَمِ والإلهيّة، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ) أي: حدُّ الواحد في إصطلاح المتكلمين (أنَّهُ مُتَفَرِّدٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ) وهي: كونُهُ قادراً على جميع أجناس المقدورات، عالماً بجميع أعيان المعلومات، حيّاً قديماً لم يزل ولا يزال (عَلَى حَدٍّ لَا يُشَارِكُهُ فيهَا غَيْرُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي اسْتَحَقَّها) وهو للذّات بواسطةٍ أو لا واسطةٍ. وعلى قول الأئمة وأبي الحسين والشيخ محمود القيدُ الأخير مغيّرٌ للمعنى إذ لا كلام لهم في الإستحقاق كما مرّ. والقول بأنّ الله تعالى واحدٌ لا إله غيرُهُ هو مذهب جميع أهل الإسلام العدليّة والجبرية إذ لا يقول أحدٌ منهم بأنّ معه تعالى قديماً مُستَقِلّاً، واختلافهم إنّما هو في قديمٍ غير مُسْتَقِلٍّ. فعند أهل العدل لا قديم معه مطلقاً، وعند المجبرة معه قديم غيرُ مُستقلٍّ وهي: المعاني كما مرّ لهم وقد تقرّر بطلان مقالتهم. والخلاف في ذلك مع فرقٍ ستٍّ وهم: الثّنوية، والمجوس، والنصارى، والمطرفيّة، والباطنية، والفلاسفة.

  أمّا الثّنويةُ وسُمُّوا ثنويةً لقولهم بإلهَيْنِ اثنينِ فإنهم يقولون بأنّ النُّور والظُّلمة صانعان للعالم قديمان، وأنّ النُّور مجبول على الخير لا يقدر على فعل الشّر، والظُّلمةُ مجبولةٌ على الشّر لا تقدر على فعل الخير، وأنهما امتزجا فحصل منهما العالم، وأنّ جهة النُّور الْعُلُو، وجهة الظلمة السُّفل، وأمّا المجوس فإنهم يقولون: بأنّ العالم له صانعان يُسمّون أحدهما (يَزْدَانَ) والثاني (إهْرَمَنْ) وأنّ جميع ما في العالم من الخير وهو ما تشتهيه النفوس فهو من يزدان، وما وقع فيه من الشر فهو من إهرمن. والشّر عندهم