كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة العاشرة أن الله تعالى واحد

صفحة 153 - الجزء 1

  ما تنفر عنه النفوس، والمشهور عنهم أنهم يُعبّرون بيزدان عن الباري تعالى ويعتقدونه كما نعتقده، وبإهرمن عن الشيطان ويعتقدونه كما نعتقده، ثم منهم من قال: هما جسمانِ، ومنهم من قال: ليسا بجسمينِ، ومنهم من قال: يزدان جسمٌ دون إهرمن، ومنهم: من عكّس. ثم اختلفوا في إهرمن فمنهم من قال: إنه قديمٌ، ومنهم من قال: إنه مُحدثٌ. ثم اختلفوا فمنهم من قال: حَدَثَ من عُفُونَةٍ كانت مع يزدان، والعفونةُ هي: المزبلةُ، ومنهم من قال: حَدَثَ من فكرةٍ ردئةٍ ليزدان وذلك أنّ يزدان لمّا استتبَّ له الأمرُ نظر فقال: لو كان معي منازعٌ كيف كانت الحالُ؟ فحدث إهرمن من ذلك، وقال أنا منازعك ومخاصمك فَاقْتَتَلَا قتالاً شديداً ثم تهادنا بعد ذلك على أن يقيم الشيطان في الأرض مُدّةً معلومةً قالوا: ونحن الآن في تلك المدة، واختلفوا إذا انقضت ماذا يكون، ولهم في ذلك خرافاتٌ طويلةٌ.

  وأمّا النصارى: فعندهم أنّ الله تعالى جوهرٌ على الحقيقة، ثلاثةُ أقانيم على الحقيقة: أُقنوم أبٍ، وهو ذات الباري، وأُقنوم الإبن وهو الكلام، وقيل: العلم، وأُقنوم رُوح القدس وهو: الحياةُ، والآخر هو الرّابط بين الأولينِ. وقالت فرقة منهم: إن أُقنوم الإبن اتَّحَدَ بالمسيح فَصَارَا ذَاتاً واحدةً أي: صار جوهرُ اللّاهوت وجوهر النّاسوت شيئاً واحداً ثم اختلف هؤلاءِ في هذا الاتّحاد فمنهم من قال: اتَّحد به وِحْدَةً نَوعِيَّةً، ويقولون إن جوهر اللّاهوتِ دخل في جوهر النّاسوت واتخذه له هيكلاً، وربّما قالوا إن جوهر اللّاهُوتِ ادَّرَعَ جوهر الناسوت كما يَدَّرِعُ الدهن السمسم ومنهم من قال: إنه اتّحد به وحْدَةً حقيقيّةً أي: صار الجوهران جوهراً واحداً وهؤلاءِ هم اليعقوبية وقد يحكى عنهم إطلاق أنه