المسألة العاشرة أن الله تعالى واحد
  ما تنفر عنه النفوس، والمشهور عنهم أنهم يُعبّرون بيزدان عن الباري تعالى ويعتقدونه كما نعتقده، وبإهرمن عن الشيطان ويعتقدونه كما نعتقده، ثم منهم من قال: هما جسمانِ، ومنهم من قال: ليسا بجسمينِ، ومنهم من قال: يزدان جسمٌ دون إهرمن، ومنهم: من عكّس. ثم اختلفوا في إهرمن فمنهم من قال: إنه قديمٌ، ومنهم من قال: إنه مُحدثٌ. ثم اختلفوا فمنهم من قال: حَدَثَ من عُفُونَةٍ كانت مع يزدان، والعفونةُ هي: المزبلةُ، ومنهم من قال: حَدَثَ من فكرةٍ ردئةٍ ليزدان وذلك أنّ يزدان لمّا استتبَّ له الأمرُ نظر فقال: لو كان معي منازعٌ كيف كانت الحالُ؟ فحدث إهرمن من ذلك، وقال أنا منازعك ومخاصمك فَاقْتَتَلَا قتالاً شديداً ثم تهادنا بعد ذلك على أن يقيم الشيطان في الأرض مُدّةً معلومةً قالوا: ونحن الآن في تلك المدة، واختلفوا إذا انقضت ماذا يكون، ولهم في ذلك خرافاتٌ طويلةٌ.
  وأمّا النصارى: فعندهم أنّ الله تعالى جوهرٌ على الحقيقة، ثلاثةُ أقانيم على الحقيقة: أُقنوم أبٍ، وهو ذات الباري، وأُقنوم الإبن وهو الكلام، وقيل: العلم، وأُقنوم رُوح القدس وهو: الحياةُ، والآخر هو الرّابط بين الأولينِ. وقالت فرقة منهم: إن أُقنوم الإبن اتَّحَدَ بالمسيح فَصَارَا ذَاتاً واحدةً أي: صار جوهرُ اللّاهوت وجوهر النّاسوت شيئاً واحداً ثم اختلف هؤلاءِ في هذا الاتّحاد فمنهم من قال: اتَّحد به وِحْدَةً نَوعِيَّةً، ويقولون إن جوهر اللّاهوتِ دخل في جوهر النّاسوت واتخذه له هيكلاً، وربّما قالوا إن جوهر اللّاهُوتِ ادَّرَعَ جوهر الناسوت كما يَدَّرِعُ الدهن السمسم ومنهم من قال: إنه اتّحد به وحْدَةً حقيقيّةً أي: صار الجوهران جوهراً واحداً وهؤلاءِ هم اليعقوبية وقد يحكى عنهم إطلاق أنه