كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة العاشرة أن الله تعالى واحد

صفحة 154 - الجزء 1

  سبحانه اتّحد بالمسيح من غير تخصيصه بأُقنوم الإبن، وبعضهم يجعل هذا الاتّحاد إتّحادَ مشيئة بمعنى: أن إرادتهما وكراهتهما صارت واحدةً وهما مختلفان من جهة الذّات، فجوهرُ النّاسوت غيرُ جوهر اللّاهوت، وهؤلاءِ هم بعض النَّسطورية منهم.

  وأمّا المُطرفيّة: فمذهبهم أنّ للّه تعالى أربعين اسماً وأنها قديمةٌ وكل اسمٍ هو ذاته فمقتضى كلامهم أنه أربعون، فقد زادوا على النصارى في الإحالة. قال بعض أهل العدل - وقيل: إنه الإمام أحمد بن سليمان # - فعلى هذا أنّ كل مطرفيٍّ ثلاثة عشر نصرانيّاً وثلث وذلك لأنّ النصراني يقول إنه وَاحِدُ ثَلَاثَةٍ، ومقتضى كلام المطرفيّة أنه وَاحِدُ أربعين.

  وأمّا كلام الباطنيّة والفلاسفة فإنهم يقولون: بالعلّة القديمة التي هي الرّبُّ عندهم، والنُّفُوس القديمةُ، والعُقُولُ القديمةُ، والأفلاكُ القديمةُ على ما تقدّم، فمقتضى كلامهم أنّ في الْقِدَمِ مع العلّة التي هي: الربُّ عندهم ثمانيةً وعشرين قديماً. فهذا حكاية أقوال هذه الفرق الضّالَّة التي افترت على الله الكذب، وهذا كله وإن كان شُغلاً للأوراق إلَّا أنّا قصدنا بذلك التّنبيه على عقائدهم الفاسدة تعالى الله عمّا يقولون عُلُوّاً كبيراً ... (وَالدَّلِيلُ عَلَى) صحة مذهب أهل الإسلام (أَنَّهُ تَعَالَى وَاحِدٌ لَا ثَانِيَ لَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ ثَانٍ) قديمٌ وجب أن يُشاركه في سائر صفات الإلهيّة وهي كونُهُ قادراً على جميع أجناس المقدورات، عالماً بجميع أعيان المعلومات، حيّاً لم يزل إذ الْقِدَمُ صفةٌ ذاتيّة، لأنّا قد بيَّنَّا أنّ الشّيئينِ متى كَانَا مِثْلَيْنِ كَانَا قد اشتركا في صفةٍ ذاتيّةٍ كالسّوادينِ فإنّهما إنّما كانا مِثْلَيْنِ لاشتراكهما في كونهما سَوَادَيْنِ، ويجب اشتراكهما في سائر الصفات الذّاتية. إذ لو اشتركا في صفةٍ ذاتيّة وأفترقا في صفة أُخرى ذاتيّة لكانا