كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة العاشرة أن الله تعالى واحد

صفحة 159 - الجزء 1

  الشيطان إلى الإلحاد والكفر، وهو خلاف ما كان عليه الرسول ÷، وأصحابه، وصالح المسلمين. في الأثر النّبوي: «أَنَّ الشَّيْطَانَ لَيَأْتِيَ أَحَدَكُمْ فَيَقُول: اللهُ خَلَقَ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ فَمَنْ وَسْوَسَ الشَّيْطَانُ فِي صَدْرِهِ بِذَلِكَ فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللّهِ» وذلك حقيقةُ الإيمان. وينظر في مصنوعات الله تعالى فإنه ÷ كان كثيراً ما يُكرر الإقرار بالله تعالى، ووحدانيّته، وصفاته الإثباتيّة، والسلبية، وينظر في مصنوعات الله الدّالة على ذلك، ويأمر بالنظر فيها، وينهى عن النظر في ذات الله تعالى. وهكذا كان أمير المؤمنين #. قال ÷: «تَفَكَّرُوا فِي الْخَلْقِ وَلَا تَفَكَّرُوا فِي الْخَالِقِ، فَإنَّكُمْ لَنْ تَقْدِرُوا قَدْرَهُ» وقال علي #: (مَنْ تَفَكَّرَ فِي خَلْقِ اللهِ وَحَّدَ، وَمَن تَفَكَّرَ في اللهِ ألْحَد) والله سبحانه لم يأمرنا في كتابه العزيز إلّا بالتفكر في مصنوعاته لا غير، والقرآنُ مشحونٌ بذلك. وقال القاسم #: جعل الله في جميع المكلّفين شَيْئَيْنِ: العقل والرّوح وهما قَوَامُ الإنسان لدينه ودنياه وقد حَوَاهُما جسمُهُ وهو يعجز عن صفتهما، فكيف يتعدّى بجهله إلى عِرْفَانِ ماهيّة الخالق، ومن لم يعرف عَقْلَهُ، ورُوحَهُ، والملائكة، والجن، والنجوم، وهذه مُدرَكةٌ أو في حكمها كيف تَرمي به نَفْسُهُ المسكينة إلى عِرْفَانِ مَنْ ليس كمثله شيءٌ. ولبعض العلماءِ المُوحِّدين: مَنِ اطْمَأنّ إلى موجودٍ أدرك حقيقتهُ فهو مُشَبِّهٌ، ومَنِ اطْمَأنّ إلى النّفي المحضِ فهو مُعطل، ومن قطع بموجودٍ يعجز عن إدراك حَقِيقَتِهِ فهو مُوَحّد. قال أمير المؤمنين # وقيل: أبو بكر:

  الْعَجْزُ عَنْ دَرَكِ الإدْرَاكِ إدْرَاكُ ... وَالْبَحْثُ عَنْ مَحْضِ كُنْهِ الذَّاتِ إشْرَاكُ

  ويروى لصاحب شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد:

  فِيكَ يَا أُغْلُوطَةُ الْفِكْرِ ... تَاهَ عَقْلِيَ وَانْقَضَى عُمْرِي