باب العدل
  ضرار وحفص الفرد: بل يعلم نفسه ويراها لقولهم بالرُّؤية فيرى نفسه على صفةٍ لا نعلمها نحن. وقد تقدّم في مسألة الرُّؤية ما يُرشد إلى معرفة بطلان هذا القول. ثم نقول لمن أثبتَ الماهيّة على الإطلاق: الماهيّةُ ما يُتَصَوَّرُ في الذِّهنِ، وقد امتنع أن يتصوّره الخلقُ حيث لم يتمكّنوا إلّا من تصور المخلوقات إتّفاقاً بيننا وبينهم، وهو تعالى لا يُعلم بالتّصور إتّفاقاً، فإن أرادوا بذلك ذَاتاً لا يحيط بها المخلوقُ عِلْماً فصحيحٌ، وقد أقسم أبو هاشم ما يعلم اللهُ من ذاته إلّا مثل ما يعلمه هو.
  قلنا: هذه فريةٌ ما فيها مرية ولقد ركب متن عمياء وخبط خبط عشواء لأنّ اللهَ تعالى يقول: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}[طه: ١١٠] واللهُ تعالى قد أحاط بكل شيءٍ علماً، على معنى لا يغيب شيءٌ عن علمه لآ أنّ المراد كإحاطة الأسوار.
  وبتمام ذلك تم الكلام على باب التوحيد.
«بابُ الْعَدْلِ»
  هو في اللغة يستعمل للفعل والفاعل، فحقيقته في الفعل: هو توفيرُ حقّ الغير وإستيفاءُ الحقّ منه للغير، وترك ما لا يُستحقُّ عليه. وحقيقته في الفاعل: المُوفّرُ حقّ الغير، والمُستوفي الحقّ منه للغير، والتّارك أخذ ما لا يُستحق على الغير.
  وفي الإصطلاح: قال الوصيُّ ~: (وَالْعَدْلُ أنْ لَّا تَتَّهِمَهُ) قال في الخلاصة: (حقيقةُ العدل في إصطلاح المتكلّمين: هو الذي لا يفعل القبيح كالظلم والعبث، ولا يخل بالواجب كالتّمكين لمن كلّفه، والبيان لمن خاطبه، وهذه حقيقة لا يندرج تحتها إلَّا مُحَقَّقٌ واحدٌ وهو الباري تعالى).