كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الحادية عشرة أن الله تعالى عدل حكيم

صفحة 162 - الجزء 1

  قلت: عندنا أنّه لا يصح إطلاق القول بأنه يجب على الله تعالى واجبٌ لإيهامه التّكليف بل هو تفضُّلٌ منه يَفْعَلُهُ قطعاً. وقالت المعتزلةُ: إنّه يجب على الله للمكلّف ستة أُمورٍ: فثلاثةٌ ليس الموجب لها إبتداءً التكليفُ وهي العوضُ على الألم، والإنتصاف بسبب التّخلية، وقبول التوبة لبقاءِ التّكليف. وثلاثةٌ يوجبها إبتداءً التَّكليفُ وهي: التّمكين، والإثابةُ، واللُّطفُ.

  واعلم: أنّ هذا الباب يشتمل على عشر مسائل ذكرها الشيخ في الكتاب، وهي من الحادية عشرة إلى العشرين وقد شرع فيها فقال:

«المسأَلة الحادية عشرة» [أَن اللهَ تَعَالَى عَدْلٌ حَكِيمٌ]

  أنّه يجبُ على المكلّف أنْ يعلم: (أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَدْلٌ حَكِيمٌ) وإذا كان كذلك كانت أفعالُهُ كلُّها حسنةً (لَيْسَ فِي أَفْعَالِهِ) ما هو قبيح (لَا ظُلْمٌ، وَلَا عَبَثٌ، وَلَا سَفَهٌ) ولا كذبٌ (وَلَا شَيْءٌ مِنَ الْقَبَائِحِ) فالقائل بأنّه تعالى يفعل القبيح لا يكون قائلاً بالعدل. ومن قال: فِعْلُهُ ليس بحَسَنٍ ولا قبيح فكذا أيضاً، لأنّ القول بالعدل ممّا يُستحقُّ به الثّوابُ، فمن قال: إنّ أفعال الله ليست بحسنةٍ ولا قبيحةٍ فإنّه يكونُ كاذباً لأنّ الفعل لا يخلو من الْحُسْنِ أو الْقُبْحِ. والقول بأنّ الله تعالى لا يفعل القبيح هو مذهبُ الزيديّة، والمعتزلة، والإماميّة، وكثير من أهل القبلة، لأنه لو فعله تعالى قَبُحَ منه - إذْ قُبْحُ الفعل لوقوعه على وجهٍ من الوجوه، كالظلم ونحوه، وحُسْنُهُ لِتَعَرِّيهِ عن ذلك - ونَافَى أن يكون عدلاً حكيماً. والخلاف في ذلك مع المجبرة والحشوية فإنهم يقولون: إنّ كل قبيح يقع في العالَم فهو فعلُ الله تعالى