كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الثانية عشرة أن أفعال العباد حسنها وقبيحها منهم

صفحة 166 - الجزء 1

  والْكَوْنِ، والإعتماد. وأمّا المتعدّي فحقيقته: ما وُجِدَ من جهة من كان قادراً عليه متعدّياً عن محل قدرته بواسطةٍ في محلها. واختلف النّاسُ في أفعال العباد بعد الإتّفاق على أنها منسوبةٌ إليهم في الجملة. فذهب أهل العدل كافّةً وهم: الزيديّة، والمعتزلة، وبه قالت الخوارج، وبعض الإمامية، وهو قول أكثر الفرق الخارجة عن الإسلام إلى (أنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ) جميعَها (الْحَسَنَ مِنْهَا وَالْقَبِيحَ) والمبتدأ والمُتولّد غير مخلوقة فيهم بل هي (مِنْهُمْ) وفعلُهُم، وتأثيرُهُم، ونسبتها إليهم حقيقةً كنسبة أفعال القديم إليه (وَ) لا يصحّ القول بأنها (مِنَ اللهِ تَعَالَى) وخَلْقِهِ وتَأْثِيرِهِ البتّةَ. واختلفت المعتزلةُ في ذلك فقال أبو الحسين: كون أفعال العباد منهم معلومٌ بالضرورة حتّى أنّ الصّبيان يعلمون ذلك، ألَا تَرَى أنّك لو رأيتَ صبيّاً يبكي فقلتَ: من ضربك؟ لقال: فلانٌ فنسب الضرب إلى فاعله. قال: والمجبرة لا يُناظرون في هذه المسألة لأنهم أنكروا الضّرورة. وذهب أكثر المعتزلة إلى أنها استدلالية وأنّ المعلوم ضرورةً إنّما هو نسبتها إليهم جملةً وهو الفرق الذي نجده بينها وبين الصُّوَرِ والألوان، وقد صرّح جماعةٌ من الأشاعرة أيضاً بأنّ هذا الفرق ضروريٌّ. وأمّا الكلام في أنّ المُؤثِّر فيها هو قُدرتُنا أو قدرة القديم تعالى فأمرٌ وَرَاءَ ذلك لا يُعلم إلّا بإستدلال وقد خالفت في ذلك طوائفُ المجبرة وبه سُمُّوا مجبرةً لقولهم بأنّ العبد مُجْبَرٌ على فعله أي: مُكره عليه لا إختيار له فيه، وابتداءُ مذهبهم من معاوية ابن أبي سفيان وظهر في سلطان بني أُميَّة ولهذا يُقال: الجبرُ أمَوِيٌّ والعدل هاشميٌّ. وهم مجمعون على أنّ أفعال العباد جميعها من الله تعالى وأنه أحدثها وأنها واقعةٌ بقضائه وإرادتِهِ، ثم اختلفوا فقالت الجهمية: وهم